وقد دَهَنَ المطَرُ الأَرضَ : بَلَّها يَسِيراً. يقالُ : دهَنَها وليٌّ فهي مَدْهُونَةٌ.
ومِنَ المجازِ : المُداهَنَةُ : المُصانَعَةُ ؛ كما في الصِّحاحِ.
وقيلَ : إظهارُ خِلافِ ما يُضْمَرُ (١) كالإدْهانِ ؛ ومنه قوْلُه تعالَى : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٢).
وقالَ الفرَّاءُ : يعْنِي ودُّوا لو تَكْفُر فيكْفرُونَ.
وقالَ في قوْلِه تعالَى : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) (٣) ؛ أَي مُكَذِّبُون ؛ ويقالُ : كافِرُون.
وقيلَ : مَعْناهُ : ودُّوا لو تَلِينُ في دِينِك فيَلِينُون.
وقالَ أَبو الهَيْثم : الإدْهانُ المُقارَبَة في الكَلامِ والتَّلْيين في القوْلِ.
وقالَ الرَّاغبُ : الإدْهانُ كالتَّدْهين لكن جعلَ عبارَة عن المُدارَةِ والمُلَايَنَةِ وَتَرْك الجَدِّ ، كما جُعلَ التَّقْرِيدُ ، وهو نزْعُ القُرَادِ مِن البَعِير عبَارَة عن ذلِكَ.
وقالَ شيْخُنا ، رَحِمَه اللهُ تعالَى : الإدْهانُ في الأَصْل جعلَ نحْو الأَدِيم مَدْهوناً بشيءٍ مَّا مِن الدّهْنِ ، ولمَّا كانَ ذلِكَ مليناً له مَحْسوساً اسْتُعْمل في اللِّينِ المَعْنويّ على التَّجوُّزِ به في مطلق اللِّين ، أَو الاسْتِعارَةِ له ، ولذا سُمِّيَت المُدارَةُ والمُلايَنَة مُداهَنَةٌ ثم اشْتهرَ هذا المجازُ وصارَ حَقِيقَةً عُرْفيَّةً ، فتَجوزُ فيه على التَّهاون بالشيءِ واسْتِحْقارِه ، لأنَّ المُتهاونَ بالأَمْرِ لا يَتَصلَّبُ فيه كما في العنايَةِ.
وقالَ قوْمٌ : المُداهَنَةُ : المُقَارَبَةُ والإدْهانُ : الغِشُّ ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وقالَ اللَّيْثُ : الإدْهانُ : اللِّينُ والمُداهِنُ : المُصانِعُ ؛ قالَ زُهَيْرٌ :
وفي الحِلْمِ إدْهانٌ وفي العَفْوِ دُرْبةٌ |
|
وفي الصِّدْق مَنْجاةٌ من الشَّرِّ فاصْدُقِ (٤) |
وأَنْشَدَ الرَّاغبُ :
الحزمُ والقوَّةُ خَيْرٌ مِنَ الإ |
|
دْهانِ والفهةِ والهاعِ (٥) |
والدَّهْناءُ : الفلاةُ.
وقيلَ : موْضِعٌ كلُّه رَمْل.
والدَّهْناءُ : ع لتمِيمَ بنَجْدٍ مَسِيرَة ثلاثَةِ أَيَّام لا ماءَ فيه ، يُمَدُّ ويُقْصَرُ في الشعْرِ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعرابيِّ :
لسْتَ على أُمك بالدَّهْنا تَدِلّ
وقالَ جَريرٌ :
نارٌ تُصَعْصِعُ بالدَّهْنا قَطاً جُونا
وقالَ ذُو الرُّمَّةِ :
لأَكْثِبَة الدَّهْنا جَمِيعاً ومالِيَا
وشاهِدُ المَمْدود :
ثم مالَتْ لجانبِ الدَّهْناء
وهي سبْعَةُ أَجْبُل في عَرْضِها ، بَيْن كلِّ جَبَلَيْن شقِيْقَة طُولُها من حَزْنِ يَنْسْوعةَ إلى رمْلِ يَبْرِينَ ، وهي قَليلَةُ الماءِ ، كثيرَةُ الكَلإ ليسَ في بِلادِ العَرَبِ مَرْبَعٌ مثلُها ، وإذا أَخْصَبَتْ رَبَعَتِ العَرَبُ جَمْعاء.
والدَّهْناءُ : اسمُ دارِ الامارَةِ بالبَصْرَةِ.
وأَيضاً : ع أَمامَ يَنْبُعَ بَيْنهما مَرْحَلَةٌ لَطِيفَةٌ ، ومنها يتزوَّدُ المَاءُ إلى بدْرٍ ؛ كذا في مناسِكِ الظَّهِير الطَّرابُلُسيِّ الحَنَفيُّ ؛ والنِّسْبَةُ دَهْنِيٌّ ودَهْناوِيٌّ على القصْرِ والمَدِّ.
والدَّهْناءُ بنتُ مِسْحَلٍ إحْدَى (٦) بَنِي مالِكِ بنِ سعدِ بنِ زيْدِ مَناةَ بنِ تَميمٍ ، وهي امرأَةُ العَجَّاجِ الرَّاجِز ، وكانَ قد عُنِّن عنها ، فقالَ فيها :
أَظَنَّتِ الدَّهْنا وظَنَّ مِسْحَلُ |
|
أَن الأَميرَ بالقَضاءِ يَعْجَلُ |
__________________
(١) على هامش القاموس : وهي حرام ، لأنها ضرب من النفاق ، نعوذ بالله من بذل الدين لصلاح الدينا ، ا ه مصححه.
(٢) القلم ، الآية ٩.
(٣) الواقعة ، الآية ٨١.
(٤) شرح ديوان زهير ، صنعة ثعلب ، ص ٢٥٢ واللسان والتهذيب.
(٥) في مفردات الراغب : والقلة.
(٦) في الصحاح واللسان : «أحد».