(وَلا تَحْزَنْ) (١) ، ليسَ بذلِكَ ، نَهْي عن تَحْصِيلِ الحُزْنِ ، فالحُزْنُ لا يَحْصَلُ باخْتِيارِ الإنْسانِ ، ولكنَّ النَّهْي في الحَقِيقَةِ إنَّما هو عن تَعاطِي ما يُورِثُ الحزنَ واكْتِسابه ، وإلى معْنى ذلِكَ أَشارَ القائِلُ :
ومن سَرَّه أَنْ لا يَرى ما يَسُوءُهُ |
|
فلا يتَّخِذ شيئاً يَخافُ له فَقْدا (٢) |
وفي النِّهايَةِ : قوْلُه تعالَى : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) (٣) ؛ قالوا فيه : الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ ، وقيلَ : هو كُلُّ ما يَحْزُن مِنْ هَمِّ مَعاشٍ أَو حَزَنِ عَذابٍ أَو حَزَنِ موْتٍ.
أَو أَحْزَنَهُ (٤) : جَعَلَهُ حَزِيناً ، وحَزَنَهُ : جَعَلَ فيه حُزْناً ، كأَفْتَنَه : جَعَلَه فاتِناً ، وفَتَنَه : جَعَلَ فيه فِتنَةً ، قاله (٥) سِيْبَوَيْه.
وفي الحَدِيْثِ : «كان إذا حَزَنَه أَمْرٌ صلَّى» ، أَي أَوْقَعَه في الحُزْنِ ، ويُرْوَى بالباءِ وقد تقدَّمَ ؛ فهو مَحْزونٌ ، مِن حَزنَه الثُّلاثيّ.
وقالَ أَبو عَمْرو : يَقولُونَ : أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وهو مُحْزِنٌ ، ويَقولُونَ : صَوْتٌ مُحْزِنٌ وأَمْرٌ مُحْزِنٌ ، ولا يَقولُونَ : صَوْتٌ حازِنٌ.
ورجُلٌ حَزِينٌ وحَزِنٌ ، بكسْرِ الزَّاي على النَّسَبِ وضَمِّهما ، ج حِزانٌ ، بالكسْرِ ، كظَرِيفٍ وظِرافٍ ، وحُزَناءُ ككَرِيمٍ وكُرَماء.
وقد خَلَطَ المصنِّفُ ، رَحِمَه اللهُ تعالَى ، بينَ اسْمِ فاعِلٍ ومَفْعولٍ وبينَ المَأْخُوذِ مِن الثّلاثِي والرّباعي ، وفي المَجْموعِ ، ولا يَكادُ يُحَرِّرُه إلّا الماهِرُ بالعُلومِ الصَّرْفيَّةِ ، فتأَمَّلْه.
وعامُ الحُزْن ، بالضمِّ : العامُ الذي ماتَتْ فيه خَديجَةُ ، رَضِيَ اللهُ تعالى (٦) عنها ، وعَمُّه أَبو طالِبٍ ، هكذا سَمَّاه رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم ؛ حَكَى ذلك ثَعْلَبُ عن ابنِ الأَعْرابيِّ ، قالَ : وماتَا قَبْل الهِجْرةِ بثلاثِ سِنِيْنَ.
والحُزانَةُ ، بالضَّمِّ : قَدْمَةُ العَرَبِ على العَجَمِ في أَوَّلِ قُدومِهِم الذي اسْتَحَقُّوا به ما اسْتَحَقّوا من الدُّورِ والضِّياعِ ؛ كذا في المُحْكَمِ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ : هو شَرْطٌ كانَ للعَرَبِ على العَجَمِ بِخُراسان إذا أَخَذُوا بَلداً صُلْحاً أَنْ يكون إذا مَرَّ بهم الجيوش أَفْذاذاً أَو جَماعاتٍ أَنْ يُنْزلوهم ثم يَقْرُوهم ، ثم يُزَوِّدونَهم إلى ناحيةٍ أُخْرى.
وحُزانَتُكَ : عِيالُكَ الذينَ تَتَحزَّنُ لأَمْرِهِم وتَهْتَم بهم ، فيقولُ الرَّجُل لصاحِبِه : كيفَ حَشَمُك وحُزانَتُك؟.
ومِن سَجَعاتِ الأَساسِ : فلانٌ لا يُبالي إذا شَبِعَتْ خِزَانَتُه أَنْ تَجوعَ خُزَانَتُهُ.
والحَزونُ : الشَّاةُ السَّيِّئَةُ الخُلُقِ ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
والحَزْنُ ، بالفتْحِ : ما غَلُظَ من الأَرضِ ؛ كما في الصِّحاحِ.
وقالَ أَبو عَمْرٍو : الحَزْنُ والحَزْمُ : الغَلِيظُ مِن الأَرضِ.
وقالَ غيرُهُ : الحَزْمُ ما احْتَزم مِن السَّيْل مِن نَجَوات المُتُونِ ، والحَزْنُ ما غَلُظ مِن الأَرْض في ارْتِفاعٍ ، والجَمْعُ حُزُومٌ وحُزُونٌ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل : أَوَّلُ حُزُونِ الأَرْضِ قِفافُها وجِبالُها ورَضْمُها ، ولا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ ، وإن جَلُدَتْ حَزْناً.
كالحَزْنَةِ : لُغَة في الحَزْنِ ؛ وأَحْزَنَ : صار فيها ، كأَسْهَلَ : صَارَ في السَّهْلِ.
والحَزْنُ : حَيٌّ (٧) من غَسَّان م مَعْرُوفٌ ، وهُم الذينَ ذَكَرَهم الأَخْطَلُ في قَوْلِه :
__________________
(١) الحجر ، الآية ٨٨ ، والنحل ، الآية ١٢٧ ، وطه ، الآية ٤٠ ، والنحل ، الآية ٧٠ ، والقصص ، الآية ١٣ ، والعنكبوت ، الآية ٣٣.
(٢) مفردات الراغب.
(٣) فاطر ، الآية ٣٤.
(٤) قوله : «أو أحزنه» مضروب عليه بنسخة المؤلف ، أفاده على هامش القاموس.
(٥) بالأصل : «قال».
(٦) قوله : «تعالى» ليس في القاموس.
(٧) في القاموس : «وحيٌ م من غسان».