وقالَ الرَّاغِبُ : عِصْمَةُ اللهِ تعالَى الأَنْبياءِ حِفْظُهُ إيَّاهم أَوَّلاً بما خصَّهم به مِن صفاءِ الجَواهِرِ ، ثم بمَا أَوْلاهُم مِن الفَضائِلِ الجسْمِيَّةِ والنَّفْسيَّة ، ثم بالنُّصْرةِ وتَثْبيتِ أَقْدامِهم ، ثم بإِنْزالِ السَّكينَةِ عليهم ، وبحفْظِ قُلوبِهِم وبالتَّوْفيقِ ، قالَ اللهُ ، عزوجل (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ) (١).
وقالَ شيْخُنا : العِصْمَةُ عنْدَ أَهْل الكَلامِ عَدَم قدْرَةِ المَعْصِيَةِ أَو خَلْق مانِعٍ غَيْر مُلْجِىءٍ وهو الذي اعْتَمَدَ ابنُ الهمامِ في تحْرِيرِه.
وِالعِصْمَةُ : القِلادَةُ.
وقالَ الرّاغبُ : شِبْهُ السّوارِ.
وِيُضَمُّ والذي قالَهُ كُراعٌ وهي العُصْمَةُ وجَمْعُها أَعْصامٌ.
قالَ ابنُ سِيْدَه : وأُراهُ على حدْفِ الزائِدِ والجَمْعُ الأَعْصِمَةُ ، ج أَي جَمْعُ المكْسُورِ عِصَمٌ كعِنَب ، حج أَي جَمْعُ الجَمْعِ أَعْصُمٌ ، بضمِّ الصادِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وِعِصَمَةٌ ، بكسْرٍ ففتحٍ ججج أَي جَمْعُ جَمْعِ الجَمْعِ أَعْصامٌ ، أَي هو جَمْعُ العِصَمِ الذي ذَكَرَه أَوَّلاً.
ونَصُّ الصِّحاحِ : وِالعُصْمَةُ ، بالضمِّ : القِلادَةُ ، والجَمْعُ الأَعْصامُ ، قالَ لبيدٌ :
حتى إذا يَئِسَ الرُّماةُ وأَرْسَلُوا |
|
غُضْفاً دَواجِنَ قافِلاً أَعْصامُها (٢) |
قالَ ابنُ بَرِّي : وهذا لا يَصحُّ لأَنَّه لا يُجْمَعُ فُعْلَةٌ على أَفْعالٍ ، والصَّوابُ قوْلُ مَنْ قالَ : إنَّ واحِدَه عِصْمَةٌ ثم جُمِعَتْ على عِصَمٍ ، ثم جُمِعَ عِصَمٌ على أَعْصامٍ ، فيكونُ بمنْزِلةِ شِيْعَةٍ وشِيَعٍ وأَشْياعٍ.
قالَ : وقد قيلَ : إنَّ واحِدَ الأَعْصامِ عِصْمٌ مثْلُ عِدْلٍ وأَعْدالٍ ، قالَ : وهذا الأَشْبَهُ فيه ، وقيلَ : بل هي جَمْعُ عُصُمٍ ، وِعُصُمٌ جَمْعُ عِصامٍ ، فيكونُ جَمْعُ الجَمْعِ ، والصَّحِيحُ هو الأَوَّل.
وِأَبو عاصِمٍ : كُنْيةُ السَّوِيقِ (٣) ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ. وِأَيْضاً : مُنْيةُ. السِّكْباجِ.
وِاعْتَصَمَ باللهِ : أَي امْتَنَعَ بلُطْفِهِ من المَعْصِيَةِ.
وقالَ الرَّاغبُ : الاعْتِصامُ الاسْتِمْساكُ بالشيءِ ، ومنه قوْلُه تعالَى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) (٤) ، أَي تَمَسَّكُوا بعَهْدِ اللهِ ، (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥) ، أَي مَنْ يَتَمَسَّكْ بحَبْلِه وعَهْدِه.
وِالأَعْصَمُ من الظِّباءِ والوُعولِ : ما في ذِراعَيْهِ ، كما في التَّهْذِيبِ ، أَو في أَحدِهما ، كما في المُحْكَمِ وهو نَصُّ أَبي عبيدَةَ ، بياضٌ.
ووَقَعَ في نصِّ العَيْنِ ما نصُّه : عُصْمَةُ الوَعِلِ : بياضٌ شِبْهُ زَمَعةِ الشَّاةِ في رِجْلِ الوَعِلِ في موْضِعِ الزَّمَعةِ مِن الشَّاءُ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ : وهذا غَلَطٌ ، وإِنَّما عُصْمةُ الأَوْعالِ بياضٌ في أَذْرُعِها لا في أَوْظِفَتِها ، والزَّمَعةُ إنَّما تكونُ في الأَوْظِفَةِ.
وِالأَعْصَمُ مِن المعَزِ : الأَبْيضُ اليَدَيْن أَو اليَدِ وسائِرُه أَسْودُ أَو أَحْمَرُ ، وهي عَصْماءُ.
وفي حدِيثِ أَبي سُفْيان : «فتَناوَلْتُ القَوْسَ والنَّبْلَ لأَرْمِيَ ظَبْيةً عَصْماءَ نَرُدُّ بها قرَمَنا» ، وقد عَصِمَ ، كفَرِحَ ، عَصَماً ، والاسْمُ : العُصْمَةُ ، بالضمِّ.
ويقالُ ابنُ شُمَيْلٍ : العُصْمَةُ البَياضُ بذِراعِ الغَزالِ والوَعِلِ. يقالُ : أَعْصَمُ بيِّن العَصَمِ.
وِالعِصامُ ، ككِتابٍ : الكُحْلُ في بعضِ اللُّغاتِ ، رُوِي ذلِكَ عن المُؤَرَّجِ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ : ولا أَعْرِفُ رَاوِيَه ، وإِنْ صحَّتِ الرِّوايَةُ عنه فإنَّه ثقَةٌ مأْمونٌ.
قلْتَ : وإِنَّما سُمِّي به لأَنَّه يعْصِمُ العَيْنَ ، أَي يمْنَعُها ويشدُّها.
وِالعِصامُ : مُسْتَدَقُّ طَرَفِ الذَّنَبِ ، كذا في المُحْكَمِ.
والضادُ لُغَةٌ فيه كما سَيَأْتي.
__________________
(١) المائدة الآية ٦٧.
(٢) من معلقته ، واللسان والصحاح والمقاييس ٤ / ٣٣٣ وعجزه في التهذيب.
(٣) في القاموس : «السويقُ والسكباجُ بالرفع فيهما.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٠٣.
(٥) آل عمران الآية ١٠١.