«علم ما كان وما يكون كلّه في القرآن الكريم ، وعلم القرآن كلّه في سورة الفاتحة ، وعلم الفاتحة كلّه في البسملة منها ، وعلم البسملة كلّه في بائها ، وأنا النقطة تحت الباء». وهذا الحديث من مشكلات الأخبار ، وأكثر الإشكال إنّما هو في قوله : «وأنا النقطة تحت الباء» ، ويحتمل أن يكون معناه أنّي اُبيّن علوم القرآن واُوضح مجملاتها ، كما أنّ نقطة الباء توضّحه وتميّز عمّا يشاركه في الصورة كالتاء المثناة والثاء المثلثة ، ويحتمل معان كثيرة لا يخفى بعضها على اُولي الألباب. والحاصل أنّ العلوم كلّها تنتهي إليه ولم يؤخذ علم إلاّ منه ، والعلماء كلّهم تلاميذه ... ثمّ يذكر تفصيل ذلك ، فراجع.
وقد رأيت الحديث الشريف في كتاب (مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين) (١) للحافظ الشيخ رضي الدين رجب البرسي ، وقد عدّه بعض علمائنا
__________________
(١) قال الحافظ رجب البرسي الحلي في كتابه مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليهالسلام : وأمّا علم النقط والدوائر فهو من أجلّ العلوم وغوامض الأسرار ، لأنّ منتهى الكلام إلى الحروف ومنتهى الحروف إلى الألف ومنتهى الألف إلى النقطة ، والنقطة عندهم عبارة عن نزول الوجود المطلق الظاهر بالباطن ، ومن الابتداء بالانتهاء يعني ظهور الهوية التي هي مبدأ الوجود التي لا عبارة لها ولا إشارة ـ الصفحة ٢٥.
وسرّ اللّه مودع في كتبه وسرّ الكتب في القرآن ، لأنّه الجامع المانع ، وفيه تبيان كلّ شيء ، وسرّ القرآن في الحروف المقطّعة في أوائل السور ، وعلم الحروف في لام ألف ، وهو الألف المعطوف المحتوي على سرّ الظاهر والباطن ، وعلم اللام ألف في الألف ، وعلم الألف في النقطة ، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية ، وسرّ القرآن في الفاتحة ، وسرّ الفاتحة في مفتاحها ، وهي بسم اللّه ، وسرّ البسملة في الباء ، وسرّ الباء في النقطة ـ الصفحة ٢٧.
والفاتحة هي سورة الحمد واُمّ الكتاب ، وقد شرّفها اللّه تعالى في الذكر فأفردها وأضاف