أو تسبقه ، فإنّ
العاقل الذي يضع الأشياء في مواضعها ، والرجل الديني إنّما رسالته وشغله وهدفه هدف
الأنبياء ورسالتهم في إرشاد الناس وقيادتهم إلى وادي السعادة ، وسَوقهم إلى شاطىء
السلام ، وذلك بتهذيب النفوس وزرع الإيمان الراسخ في القلوب ، وتربية من يفلق
الذرّة بالزهد ، وأن يجعل اللّه بين عينيه ، ويلاحظ ربّه السميع البصير في عمله ، وأن
يكون علمه في خدمة الناس ، لا أن يستغلّه الطغاة والجبابرة بتطميعه واستثماره
بالمال والجاه والمقام ، حتى يؤول أمره إلى أن يصنع القنبلة الذرّية التي تدمّر
العالم في ثوان.
فمقصود رجال العلم والدين هو : تهذيب
الناس وهدايتهم ، وعلاج الأمراض الروحية ، الاجتماعية والفردية.
وعلينا أن نحكّم ضمائرنا ، ونطلب من كلّ
واحد ما يختصّ به ، فليس من العقل والانصاف أن نطالب الطبيب بالحلاقة ، كما لا
نطلب من الحلاّق أن يعالج أمراضنا الجسدية.
نعم ، نطلب من كلّ واحد أن يخلص في علمه
وعمله ، وفنّه ومهنته ...
وثانياً
ـ روى شيخنا الكليني قدسسره بإسناده ، عن أبي
الحسن موسى عليهالسلام
، قال : «دخل رسول اللّه صلىاللهعليهوآله
المسجد ، فإذا جماعة قد أطافوا برجل ، فقال : ما هذا؟ فقيل : علاّمة ، فقال : وما
العلاّمة؟ فقالوا له : أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية والأشعار
العربية ، قال : فقال النبي صلىاللهعليهوآله
: ذاك علمٌ لا يضرّ مَن جَهَله ، ولا ينفع مَن عَلمه ، ثمّ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّما العلم ثلاثة
: آية محكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سنّة قائمة ، وما خلاهنّ فهو فضل» .
__________________