بالبداء ما هو إلا
لأنّه يرجع إلى الاعتراف بحقيقة الإلهية ، وأنّ الموجد للعالم انّما هو إله موجد
بالإرادة والقدرة على مقتضى الحكمة ، متصرّف بقدرته بما يتراءى من العلل وتعليلاتها
التي هي من صنعه وإيجاده ، والخاضعة لتصرّف مشيئته فيها ، لا أنّ وجود العالم منوط
بالتعليلات الطبيعية ومحض اقتضاء الطبيعة العمياء فاقدة الشعور والإرادة ، تعالى
الله عمّأ يقولون.
وعلى ذلك تجري صحيحة محمد بن مسلم ، عن
أبي عبدالله عليه السلام :
ما بعث الله نبياً حتى يأخذ عليه ثلاث
خصال : الإقرار [له]
بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأن الله يقّدم ما يشاء ويوّخر ما يشاء .
فالبداء
، وأنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب ، يكون الاعتراف بحقيقتها
المعقولة ومدلول الأ حاديث ، هوالفارق بين الإلهية والطبيعية ، وهو الفارق بين
الاعتراف بحقيقة الإلهية وبين المزاعم المستحيلة في مسألة العقول العشرة المبنية
على التقليد الأعمى للفسلفة اليونانية ومزاعم أوهامها ، مع الخبط في أمر الإيجاد
بالأرادة والتعليل الطبيعي.
ثم ان مقتضى دلالة العقل والنقل هو أنّ
البداء والمحو لا يقعان فيما أخبرالله به أنبياءه وأوصياءهم ، وأخبروا به عنه جلّ
____________