والاستعطاف فلم يحفل
بهم .
ولم تزل قريش بعد ذلك خائفة من أبي طالب
، مشفقة على أنفسها من أذى يلحق النبي صلىاللهعليهوآله
، وهذا هو النصر الحقيقي نابع عن صدق في الولاية ، وبه ثبتت النبوة ، وتمكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أداء
الرسالة ، ولولاه ما قامت الدعوة ، ومن لم يعرف باعتباره إيمان صاحبه وعظم عناه في
الدين ، خرج من حد المكلفين.
على أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يزل
عزيزا ما كان أبو طالب حيا ، ولم يزل به ممنوعا من الأذى ، معصوما حتى توفاه الله
تعالى ، فنبت
به مكة ، ولم تستقر له فيها دعوة ، وأجمع القوم على الفتك به ، حتى جاءه الوحي من
ربه ، فقال له جبرئيل عليهالسلام
: إن الله عز وجل يقرئك السلام ، ويقول لك : اخرج عن مكة فقد مات ناصرك .
فخرج عليهالسلام
: هاربا مستخفيا بخروجه ، وبيت أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه ، فبات موقيا له
بنفسه ، وسالكا بذلك منهاج أبيه رضي الله عنه في ولايته ونصرته ، وبذل النفس دونه.
فكم بين من أسلم نفسه لنبيه ، وشراها
الله تعالى في طاعة نبيه صلىاللهعليهوآله
، وبين من حصل مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
في أمن وحرز ، وهو لا
__________________