فصل
فإن قال منهم قائل : إن الآية وإن كان ظاهرها العموم ، فالمراد بها الخصوص ، بدليل وجود الخلافة فيمن عددناه دون الجميع. وعلى هذا يعتمد متكلموهم.
قيل له : أحلت في ذلك من قبيل أنك إنما أوجبت لأصحابك الإمامة ، وقضيت لهم بصحة الخلافة بالآية ، وجعلتها ملجأ لك في حجاج خصومك ، ودفعهم عما وصفوا به من فساد عقلك ، فلما لم يتم (١) لك مرادك من الآية ، بما أوجبه عليك عمومها بظاهرها ، ودليل متضمنها ، عدلت إلى تصحيح تأويلك منها ، بادعاء ما تورعت فيه من خلافة القوم ، وثبوت إمامتهم ، الذي أفقرك عدم البرهان عليه إلى تصحيحه عندك بالآية ، فصرت دالا على وجوده معنى تنازع فيه بوجود شئ تتعلق صحة وجوده بوجود ما دفعت (٢) عن وجوده ، وهذا تناقض من القول ، وخبط أوجبه لك (٣) الضلال ، وأوقعك فيه التقليد والعصبية للرجال ، نعوذ بالله من الخذلان.
ثم يقال له : خبرنا عما تدعيه من استخلاف الله تعالى لأئمتك على الأنام ، وصحة إمامتهم على ما زعمت فيما سلف لك من الكلام ، أبظاهر أمرهم ونهيهم وتملكهم علمت ذلك ، وحكمت به على
__________________
(١) في م : لم يتبين.
(٢) في ب ، ح ، م : وقعت.
(٣) في ب ، م : أوجبك.