الجاهلية قبل الإسلام ، وإن كنا نعلم بطلانه ، ووجود من يعتقد خلافه في تلك الأزمان ، وأن الوصف بالربوبية قد شاع فيما سلف لكثير من ملوك الزمان مع ثبوت خلاف أهل الحق وتيقنهم (١) في ترك إظهار الخلاف.
وقد استفاض من أوصاف ملوك بني العباس ما يقتضي جليل المدحة ، كما شاع وانتشر لمنازعيهم في الإمامة الطالبيين مثل ذلك حتى صاروا فيه على حد سواء ، ولم يجب بذلك اجتماع الفريقين في الصواب ، ولا اتفاقهم في الاستحقاق.
وكان وصف أبي جعفر بالمنصور كوصف محمد بن عبد الله بن الحسن بالمهدي ، ووصف القائم بعد أبي جعفر المنصور بالمهدي ، وابنه بالهادي ، وابن ابنه بالرشيد كوصف من ذكرناه من الطبقة الأخرى بالناصر والهادي والرشيد والمنصور أيضا والمعز والعزيز.
وإذا كانت الاستفاضة في أوصاف من سميناه على طريقة واحدة استحال انتظام الحق لجميعها ، لما يدخل ذلك من الخلل ، ويلحقه من التناقض ، وبطل ما تعلق به الخصوم في تسمية العامة المتقدمين على أمير المؤمنين عليهالسلام كل ما يفيد المدحة لهم في الدين ، ولم يجب باشتهاره ثبوت إمامتهم على اليقين.
ثم يقال للمعتزلة والخوارج وأهل العدل والمرجئة وعقلاء أصحاب الحديث : أنتم تعلمون أنه قد شاع لمعاوية بن أبي سفيان
__________________
(١) في ب ، ح ، م : ونفيهم ، والظاهر أنها تصحيف : وتقيتهم.