الجديد ورعايته وحفظه من الموت ، والاُمّ أحد الأفراد المأمورين بذلك خصوصاً اللباء : وهو أول اللبن في النتاج ، فقد قيل : إنّ الولد لا يعيش بدونه (١) ، ولكن الصحيح إنّ الولد لا يقوى ولا تشتد بنيته إلاّ باللباء ، فحينئذ يجب على كلّ الناس ومنهم الاُمّ إرضاع الوليد هذا اللبن ، سواء كان منها أو من غيرها إذا حصلت ولادة مقارنة لها.
ثمّ إنّ مدّة الرضاع هي إحدى وعشرين شهراً ، كما أشارت الآيات القرآنية التي ذكرت أنّ حمله وفصاله ثلاثون شهراً ، فقال تعالى : (وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً) (٢).
فإذا عرفنا أنّ مدّة الحمل الطبيعية الغالبة تسعة أشهر ، يتبيّن لنا أنّ مدّة الرضاع هي واحد وعشرون شهراً واجبة على الاُمّ إن لم يكن مرضعة اُخرى له ; لأنّ غذاء الطفل واجب على كلّ من يقدر على تغذيته بالواجب الكفائي.
ولكن هل هذا الرضاع الواجب على كلّ من يقدر عليه يكون بلا أجر؟
الجواب : إنّ الدليل القرآني ذكر أنّ المرأة الزوجة لها الحقّ في أخذ الاُجرة على هذا الرضاع حيث قالت الآية القرآنية في سورة الطلاق (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوف وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) (٣).
فالحقّ الذي للطفل الذي تقدّم الكلام عليه يبقى كما هو ، إلاّ أنّه حقّ للطفل بأجر كما صرحت بذلك الآية الكريمة وإن كان حقّ الاُمّ في إرضاع ولدها مقدّم على غيرها إذا طالبت أجراً متعارفاً ، ولكن عند التعاسر والطلب غير المتعارف للأجر
__________________
(١) إلاّ أنّ هذه الدعوى يكذّبها الوجدان ، فإننا شاهدنا وعاصرنا من ولد ولم يرضع اللباء ، وعاش عيشة متعارفة ، إلاّ أنّه عليل البدن مريض الحال.
(٢) الأحقاف : ١٥.
(٣) الطلاق : ٦.