وعلى هذا فسيكون الزواج الثاني مكروهاً
عند الخوف من عدم العدالة بدرجة ملحوظة عند العرف ، وتوضيح ذلك : قال الله تعالى
في كتابه الكريم : (وَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء
مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) .
وقال تعالى : (وَلَن
تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا
كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) .
والمستفاد من الآيتين هو :
١ ـ النهي عن ترك العدالة بحيث تجعل
المرأة كالمعلّقة ، فلا هي بلا زوج حتى تتمكن أن تتزوّج ، ولا هي عندها زوج كبقية
الأزواج ، فالزوج موجود ولكنّه تارك لها وظالم لها لا تتمكن من الزواج وهي تحتاج
إلى زوج ، وهذا مستفاد من ذيل الآية الثانية (فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ
الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ).
٢ ـ كراهة تعدّد الزوجات عند الخوف من
عدم العدالة بدرجة عرفية ، وهذا مستفاد من ذيل الآية الاُولى : (فَإِنْ
خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)
أمّا صدر الآية الثانية القائلة : (وَلَن تَسْتَطِيعُوا
أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ ...) فإنّها تشير إلى العدالة الحقيقية في
الحبّ وما يتفرّع عليه من أعمال فإنّها غير ممكنة للزوج ، ولكن إذا أعطى كلّ زوجة
حقّها ، وكان خائفاً من الميل إلى إحداهن والعمل لها أكثر من حقّها ، بحيث يكون
عند العرف غير عادل ، ففي هذه الصورة يكون الزواج مكروهاً.
٣ ـ جواز تعدّد الزوجات : وهو مستفاد من
صدر الآية (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) وإنّما قلنا بالجواز لا بالاستحباب من
باب أنّ تعليق الحكم على رغبة المكلّف يعطيها ظهوراً في الإباحة.
__________________