الشريعة اليها وتجاوزها.
إنّ الإسلام نظر إلى المرأة وحرّرها من
النظرة الجاهلية ، ورفع منزلتها إلى منزلة الرجل في الإنسانية والكرامة ، وساواها
مع الرجل في الحقوق والواجبات والقيم الإنسانية كما تقدّم ذلك.
ولكن انخفاض وعي الناس بالدين أو عدم
التزامهم به ; لعدم وجود سلطة لعلماء الدين على المجتمع في كلّ البلاد الإسلامية
تقريباً ، وتأثير العادات والتقاليد الوافدة إلى المجتمع الإسلامي من المجتمعات
الاُخرى غير المسلمة ، ونظرتها المتدنية إلى المرأة ، والالتزام بالنصوص الدينية
الضعيفة ، أو غير الضعيفة المعارضة للنظرة القرآنية التي تحدّ من سلطة المرأة على
نفسها وتصرفاتها في بعض المجتمعات الدينية والعلمية ، أدّى إلى تكوين نظرة سيئة
ومتدنية اتجاه المرأة في المجتمعات التي تنتسب إلى الدين ، فتقلّصت حريّتها في
العلاقة مع المجتمع وفي العمل ، وحُرمت من حقّ التعليم والثقافة وبعض المناصب
الاجتماعية.
إذن يحقّ أن نقول : إنّ وضع المرأة في
الواقع الاجتماعي في البلدان الإسلامية يختلف عن وضعها في التشريع الإسلامي ـ
قرآناً وسنّة ـ كما يختلف عن وضعها في أبحاث الفقهاء الذين لم يتأثروا بالواقع
الاجتماعي الطاريء ولم يتأثروا بالعادات والتقاليد الدخيلة على الإسلام ، ولم
يتأثروا بالروايات التي تخالف النهج العام القرآني الذي جعل مثالاً يقتدى به
للمرأة المسلمة.
فالدين الإسلامي أراد للمجتمع الإسلامي
الرقي والصعود في مدارج الكمال في آفاق الحضارة والعلم ، والمرأة التي هي نصف
المجتمع مشمولة في هذه الدعوة للصعود في مدارج الكمال علماً وأدباً وعملاً ، ومشاركة
في النشاط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإنساني ، خصوصاً في الأعمال التي
تنسجم مع تكوين المرأة الفسيولوجي والنفسي ، كالتعليم والتمريض والطبابة والعمل في
الإدارات