منه آية وسورة. وغيره من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك ، فيجوز مسّه وتلاوته لمن ذكر وروايته بالمعنى ، ولا يجزئ في الصلاة بل يبطلها ، ولا يسمّى قرآنا ولا يعطى قارئه بكل حرف عشرة ، ولا يمنع بيعه ولا يكره اتفاقا ، ولا يسمّى بعضه آية ولا سورة اتفاقا أيضا. وثانيها كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل تغيرها وتبدلها. وثالثها بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مع إسناده لها عن ربه فهي من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب ، ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولا. وقد يضاف إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا يضاف إلاّ إليه تعالى ، فيقال فيه : قال الله تعالى ، وفيها : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يروي عن ربه. واختلف في بقية السّنة هل هو كله بوحي أو لا ، وآية (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (١) تؤيّد الأول. ومن ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (٢). ولا تنحصر تلك الأحاديث في كيفية من كيفيات الوحي بل يجوز أن تنزل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم والإلقاء في الروع وعلى لسان الملك. ولراويها صيغتان إحداهما أن يقول ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يروي عن ربه وهي عبارة السلف. وثانيتهما أن يقول قال الله تعالى فيما رواه عنه رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمعنى واحد انتهى كلامه. وفي فوائد (٣) الأمير حميد الدين (٤) الفرق بين القرآن والحديث القدسي على ستة أوجه. الوجه الأول أن القرآن معجز والحديث القدسي لا يلزم أن يكون معجزا. والثاني أن الصلاة لا تكون إلاّ بالقرآن بخلاف الحديث القدسي. والثالث أنّ جاحد القرآن يكفر بخلاف جاحده. والرابع أنّ القرآن لا بدّ فيه من كون جبرئيل عليهالسلام واسطة بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين الله تعالى بخلاف الحديث القدسي. والخامس أنّ القرآن يجب أن يكون لفظا من الله تعالى وفي الحديث القدسي يجوز لفظ من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. والسادس أنّ القرآن لا يمسّ إلاّ بالطهارة والحديث القدسي يجوز مسّه من المحدث انتهى. وتبين بهذا الفرق بين الحديث القدسي وبين ما نسخ تلاوته أيضا لما عرفت فيما نقلنا من الإتقان من أنّه يسمّى بالقرآن والآية.
تقسيم آخر
ينقسم الحديث أيضا إلى صحيح وحسن وضعيف ، وكل منها إلى ثلاثة عشر صنفا : المسند والمتصل والمرفوع والمعنعن والمعلق والفرد والمدرج والمشهور والعزيز والغريب والمصحف والمسلسل وزائد الثقة. وينقسم الضعيف إلى اثنى عشر قسما : الموقوف والمقطوع والمرسل والمنقطع والمعضل والشاذ والمنكر والمعلل والمدلس والمضطرب والمقلوب والموضوع ،
__________________
(١) النجم / ٣.
(٢) البغوي ١ / ٢٠١ ، الشافعي الرسالة ٢٩٥ ، مسند أحمد ٦ / ٨ ، ابو داود رقم ٤٦٠٥ ، الترمذي ٢٦٦٥ ، ابن ماجه ١٣ ، الحاكم ١ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ، الدارمي ١ / ١٤٤.
(٣) لحميد الدين علي بن محمد بن علي الضرير الراشي البخاري (ـ ٦٦٧ هـ). وهذا الكتاب شرح لكتاب مختصر القدوري لأبي الحسين أحمد بن محمد القدوري البغدادي (ـ ٤٢٨ هـ) بروكلمان ، ج ٣ ، ص ٢٧١.
(٤) هو علي بن محمد بن علي ، حميد الدين الضرير الراشي أو الرامشي. توفي عام ٦٦٧ هـ / ١٢٦٨ م. من أهل بخارى. من فقهاء الحنفية. عالم ، له تصانيف عدة. الاعلام ٤ / ٣٣٣ ، الفوائد البهية ١٢٥ ، بروكلمان ٣ / ٢٧١.