أضاء. وقيل مأخوذ من التّفسرة ، وهي اسم لما يعرف به الطبيب المريض. وعند النحاة يطلق على التمييز كما سيجيء. وعند أهل البيان هو من أنواع إطناب الزيادة ، وهو أن يكون في الكلام لبس وخفاء فيؤتى بما يزيله ويفسّره. ومن أمثلته أنّ الإنسان خلق هلوعا إذا مسّه الشرّ جزوعا وإذا مسّه الخير منوعا. فقوله إذا مسّه الخ مفسّر للهلوع كما قال أبو العالية (١). ومنها (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) (٢) الآية فيذبّحون وما بعده تفسير للسّوم. ومنها الصّمد (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (٣) الآية. قال محمد بن كعب القرظي (٤) لم يلد الخ تفسير للصّمد ، وهو في القرآن كثير. قال ابن جنّي ومتى كانت الجملة تفسيرا لا يحسن الوقف على ما قبلها دونها لأنه تفسير الشيء لاحق به ومتمّم له وجار مجرى بعض أجزائه ، كذا في الإتقان في أنواع الإطناب. والفرق بينه وبين الإيضاح بعد الإبهام يذكر في لفظ الإيضاح. ويقول في مجمع الصنائع : التفسير هو أن يعدّد الشاعر عدة أوصاف مجملة ثم يأتي بعد ذلك بالتفسير لها. فإذا أعاد تلك الألفاظ المجملة خلال التفسير فإنّه يسمّى عند ذلك التفسير الجليّ ، وإلاّ فهو التفسير الخفيّ. مثال الأول :
إمّا أن يكبّل أو يفتح أو يقبض أو يعطي |
|
لكي يبقى العالم شاهدا على ما قام به الملك |
فما يقبضه هو الولاية ، وما يعطيه فهو الأموال |
|
وما يقيّده فهو رجل العدوّ ، وما يفتحه فهو القلعة |
ومثال الثاني :
دائما يحضرون من أجل عيدك وهو ظاهر |
|
وهم يلدون دائما من أجل سرورك بسهولة |
الرطب من النخل والعسل من النحل |
|
والحرير من دود القزّ والمسك من الغزال |
واللؤلؤ من البحر والذهب من الصخر |
|
والسكر من القصب والجوهر من المنجم انتهى (٥) |
اعلم أنّ الأصوليين والفقهاء اختلفوا في التفسير والتأويل فقال أبو عبيدة وطائفة هما بمعنى. وقال الراغب : التفسير أعمّ من التأويل وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها ، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل. وكثيرا ما يستعمل في الكتب الإلهية. والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها. وقال غيره : التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلاّ وجها واحدا ، والتأويل توجيه لفظ متوجّه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة.
__________________
(١) هو رفيع بن مهران الرياحي البصري. توفي عام ٩٣ هـ وقيل ٩٠ ه. إمام حافظ ، مقرئ ، مفسّر ثقة. سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٠٧ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٦١ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٢٨٤.
(٢) البقرة / ٤٩.
(٣) الإخلاص / ٣.
(٤) هو محمد بن كعب بن سليم بن عمرو ، أبو حمزة ، ويقال أبو عبد الله ، القرظي. توفي بالمدينة عام ١١٨ هـ / ٧٣٦ م. على خلاف في تاريخ وفاته. تابعي ، من كبار العلماء. راو للحديث ثقة ، مفسّر. له عدة مصنفات. معجم المفسرين ٢ / ٦٠٨ ، تاريخ التراث العربي ١ / ١٩٠ ، تهذيب التهذيب ١ / ٤٢٠ ، حلية الأولياء ٣ / ٢١٢ ، غاية النهاية ٢ / ٢٣٣ ، شذرات الذهب ١ / ١٣٦.
(٥) ودر مجمع الصنائع گويد تفسير آنست كه شاعر اولا چند صفت مجمل بر شمارد وثانيا تفسير آن بيارد پس اگر در وقت تفسير آن الفاظ مجمل اعاده نمايد آن را تفسير جلي نامند واگر اعاده آنها نكند تفسير خفي خوانند مثال اوّل.
يا به بندد يا گشايد يا ستاند يا دهد |
|
تا جهان بر پاي باشد شاه را ابن يادگار |
آنچه بستاند ولايت آنچه بدهد خواسته |
|
آنچه بندد پاي دشمن آنچه بگشايد حصار |
مثال دوم
همين آرند پيوسته ز بهر جشن تو پيدا |
|
همي زايند همواره ز بهر بزم تو آسان |
رطب نخل وعسل نحل وبريشم كرم مشك آهو |
|
ودر دريا وزر خارا وشكر ناي گوهر كان |