الوجدان فمدفوع بأنه إن أراد به عدم التصريح به فمسلّم ، وإن أراد عدمه صريحا وضمنا فممنوع فإنه كيف يتعدى الحكم إلى الكلّي بدون الحصر.
الاستقصاء : [في الانكليزية] Investigation ـ [في الفرنسية] Investigation
بالصاد المهملة عند أهل المعاني هو من أنواع إطناب الزيادة ، وهو أن يتناول المتكلّم معنى فيستقصيه فيأتي بجميع عوارضه ولوازمه بعد أن يستقصي جميع أوصافه الذاتية بحيث لا يترك لمن يتناوله بعده فيه مقالا. قال ابن أبي الإصبع : والفرق بين الاستقصاء والتتميم والتكميل أن التتميم يرد على المعنى الناقص فيتمّمه ، والتكميل يرد على المعنى التام فيكمل أوصافه ، والاستقصاء يرد المعنى التام فيستقصي لوازمه وعوارضه وأوصافه وأسبابه حتى يستوعب جميع ما تقع الخواطر عليه ، فلا يبقى لأحد فيه مساغ ، مثاله قوله تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) (١) الآية ، فإنه لو اقتصر على جنة لكفى ، ولم يقتصر حتى قال في تفسيرها من نخيل وأعناب ، فإن مصاب صاحبها بها أعظم ، ثم زاد تجري من تحتها الأنهار متمّما لوصفها بذلك ، ثم كمّل وصفها بعد التتميمين فقال ، له فيها من كل الثمرات ، فأتى بكل ما يكون في الجنان ، ثم قال في وصف صاحبها : وأصابه الكبر ، ثم استقصى المعنى في ذلك بما يوجب تعظيم المصاب بقوله بعد وصفه بالكبر : وله ذرية ، ولم يقتصر حتى وصفها بالضّعفاء ، ثم ذكر استئصال الجنة التي ليس بهذا المصاب غيرها بالهلاك في أسرع وقت حيث قال : فأصابها إعصار ، ولم يقتصر على ذكره للعلم بأنه لا يحصل به سرعة الهلاك فقال : فيه نار ، ثم لم يقف عند ذلك حتى أخبر باحتراقها لاحتمال أن تكون النار ضعيفة لا يفي احتراقها لما فيها من الأنهار ورطوبة الأشجار فاحترس عن هذا الاحتمال بقوله : فاحترقت. فهذا أحسن استقصاء وقع في القرآن وأتمّه وأكمله ، كذا في الاتقان في نوع الإطناب.
الاستناد : [في الانكليزية] Reference ، support ـ [في الفرنسية] Reference ، appui
عند الأصوليين هو أن يثبت الحكم في الزمان المتأخر ويرجع القهقرى حتى يحكم بثبوته في الزمان المتقدم ، كالمغصوب فإنه يملكه الغاصب بأداء الضمان مستندا إلى وقت الغصب حتى إذا استولد الغاصب المغصوبة فهلكت فأدّى الضمان يثبت النسب من الغاصب ، كذا في التوضيح في فصل المأمور به المطلق والمؤقت.
اعلم أن الأحكام تثبت بطرق أربعة :
الأول الاقتصار وهو أن يثبت الحكم عند حدوث علّة الحكم لا قبله ولا بعده كما في تنجيز الطلاق [والعتاق] (٢) ، والطلاق بأن قال أنت طالق. والثاني الانقلاب وهو صيرورة ما ليس بعلّة علّة كما في تعليق الطلاق بالشرط بأن قال : إن دخلت فأنت طالق ، فعند حدوث الشرط ينقلب ما ليس بعلّة علّة ، يعني أن قوله أنت طالق في صورة التعليق ليس بعلّة قبل وجود الشرط وهو دخول الدار وإنما يتّصف بالعلية عند الدخول. والثالث الاستناد وهو أن يثبت الحكم في الحال بوجود الشرط في الحال ثم يستند الحكم في الماضي بوجود السبب في الماضي ، وذلك كالحكم في المضمونات فإنها تملك عند أداء الضمان مستندا إلى وقت وجود سبب الضمان وهو الغصب ، وكالحكم في النصاب فإنه تجب الزكاة عند تمام الحول
__________________
(١) البقرة / ٢٦٦.
(٢) والعتاق (+ م ، ع).