ومسقط الحجر قد يطلق على الارتفاع مجازا كما يجيء ، كذا في شرح خلاصة الحساب (١).
وعند أهل الهيئة يطلق على معنيين : أحدهما ما يسمّى ارتفاعا حقيقيا وهو قوس من دائرة الارتفاع محصورة بين الكوكب وبين الأفق من جانب ، لا أقرب منه إذا كان الكوكب فوق الأفق. ودائرة الارتفاع دائرة عظيمة تمرّ بقطبي الأفق وبكوكب ما ، والمراد (٢) بالكوكب رأس خط يخرج من مركز العالم مارا بمركز الكوكب إلى سطح الفلك الأعلى. وقيل المراد (٣) بالكوكب مركز الكوكب ، والأمر فيه سهل ، وقيد الكوكب إنما هو باعتبار الأغلب ، وإلاّ فقد تعتبر نقطة أخرى غير مركز الكوكب كالقطب ، والمراد (٤) من جانب لا أقرب منه وهو الجانب الذي ليس فيه قطب الأفق. والقيد الأخير احتراز عن الانحطاط فإنه قوس من دائرة الارتفاع بين الكوكب والأفق من جانب ، لا أقرب منه إذا كان الكوكب تحت الأفق. ثم القوس المذكورة إن كانت من جانب الأفق الشرقي فهي ارتفاعه الشرقي ، وإن كانت من جانب الأفق الغربي فهي ارتفاعه الغربي ، وعلى هذا القياس ، الانحطاط الشرقي والغربي يعني أنّ القوس من دائرة الارتفاع بين الكوكب والأفق تحت الأرض من جانب الشرق هو الانحطاط الشرقي ، ومن جانب الغرب هو الانحطاط الغربي. ثم إنّ الارتفاع الشرقي قد يخصّ باسم الارتفاع ويسمّى الغربي حينئذ انحطاطا ، وهذا اصطلاح آخر مذكور في كثير من كتب هذا الفن. وبالنظر إلى هذا قال صاحب المواقف : والقوس الواقعة من دائرة الارتفاع بين الأفق والكوكب الذي فوق الأرض من جانب المشرق ارتفاعه ومن جانب المغرب انحطاطه ، فلا يرد عليه تخطئة المحقق الشريف في شرحه.
ثم القوس من دائرة الارتفاع بين الكوكب وبين سمت الرأس تسمّى تمام ارتفاع الكوكب ، فإن انطبقت دائرة الارتفاع على نصف النهار والكوكب فوق الأفق فتلك القوس المحصورة من دائرة الارتفاع بين الأفق والكوكب هي غاية ارتفاع الكوكب ، فإن مرّ الكوكب بسمت الرأس فارتفاعه في ربع الدور ، وليس هناك تمام ارتفاع ، وإن لم يمرّ به كان ارتفاعه أقلّ من الربع ، وكان له تمام ارتفاع ، وعلى هذا القياس تمام الانحطاط فإنه قوس منها بين الكوكب وبين سمت القدم ، فإن انطبقت دائرة ارتفاعه على نصف النهار والكوكب تحت الأفق ، فتلك القوس منها بين الأفق وبين الكوكب ، فإنه انحطاطه إلى آخر ما عرفت. فالكوكب إذا طلع من الأفق يتزايد ارتفاعه شيئا فشيئا إلى أن يبلغ نصف النهار ، فهناك غاية ارتفاعه عن الأفق وإذا انحطّ منها يتناقص ارتفاعه إلى غروبه ، وإذا غرب ينحطّ عن الأفق متزايدا انحطاطه إلى أن يبلغ نصف النهار تحت الأرض ، فهناك غاية انحطاطه عنه ؛ ثم إنّه يأخذ في التّقارب منه متناقصا انحطاطه إلى أن يبلغ الأفق من جهة الشرق ثانيا.
ثم الظاهر أنّ المراد (٥) بالأفق الأفق الحقيقي لأنهم صرّحوا بأن تمام الارتفاع قوس
__________________
(١) خلاصة الحساب والهندسة لبهاء الدين محمد بن حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي (ـ ١٠٣١ هـ). كلكوتا ، ١٨١٢ م.
معجم المطبوعات العربية ١٢٦٣.
(٢) المقصود (م ، ع).
(٣) المقصود (م ، ع).
(٤) المقصود (م ، ع).
(٥) المقصود (م ، ع).