المواقف (١) وبعض حواشي تهذيب المنطق (٢) ؛ وقال المحقق التفتازاني (٣) : المسألة لا تكون إلاّ.
نظرية ، وهذا ممّا لا اختلاف فيه لأحد ، وما قيل من احتمال كونها غير كسبية فسهو ظاهر.
ثم للمسائل موضوعات ومحمولات ، أمّا موضوعها فقد يكون موضوع العلم ، كقولنا كلّ مقدار إمّا مشارك للآخر أو مباين ، والمقدار موضوع علم الهيئة ، وقد يكون موضوع العلم مع عرض ذاتي كقولنا : كل مقدار وسط في النسبة فهو ضلع ما يحيط به الطرفان. فقد أخذ في المسألة المقدار مع كونه وسطا في النسبة وهو عرض ذاتي ، وقد يكون نوع موضوع العلم كقولنا : كل خط يمكن تنصيفه ، فإن الخط نوع من المقدار ، وقد يكون نوعا مع عرض ذاتي كقولنا : كل خط قام على خط فإنّ زاويتي جنبتيه قائمتان أو مساويتان لهما ، فالخط نوع من المقدار ، وقد أخذ في المسألة مع قيامه على خط وهو عرض ذاتي ، وقد يكون عرضا ذاتيا كقولنا : كل مثلّث فإن زواياه مثل القائمتين ، فالمثلث عرض ذاتي للمقدار ؛ وقد يكون نوع عرض ذاتي كقولنا : كل مثلّث متساوي الساقين فإن زاويتي قاعدته متساويتان. وبالجملة فموضوعات المسائل هي موضوعات العلم أو أجزاؤها أو أعراضها الذاتية أو جزئياتها ، وأمّا محمولاتها فالأعراض الذاتية لموضوع العلم فلا بدّ أن تكون خارجة عن موضوعاتها ، لامتناع أن يكون جزء الشيء مطلوبا بالبرهان ، لأن الأجزاء بيّنة الثبوت للشيء ، كذا في شرح الشمسية (٤).
اعلم أنّ من عادة المصنّفين أن يذكروا عقيب الأبواب ما شذّ منها من المسائل فتصير مسائل من أبواب متفرّقة ، فتترجم تارة بمسائل منشورة وتارة بمسائل شتّى ، كذا في فتح القدير (٥) ، وأكثر ما يوجد ذلك في كتب الفقه.
وأمّا المبادئ فهي التي تتوقّف عليها مسائل العلم ، أي تتوقف على نوعها مسائل العلم ، أي التصديق بها إذ لا توقّف للمسألة على دليل مخصوص ؛ وهي إمّا تصوّرات أو تصديقات. أمّا التصورات فهي حدود الموضوعات ، أي ما يصدق عليه موضوع العلم لا مفهوم الموضوع كالجسم الطبعي (٦) ، وحدود أجزائها كالهيولى والصورة وحدود جزئياتها كالجسم البسيط ، وحدود أعراضها
__________________
(١) شرح المواقف [في أصول الدين] لعلي بن محمد الجرجاني (ـ ٨١٦ هـ / ١٤١٣ م) طبع في Leipzig باعتناء سورتس ١٨٤٨ م وفي بولاق مع المواقف ١٨٤١ م ، القسطنطينية ١٢٣٩ و ١٢٤٢ ه. اكتفاء القنوع ، ٢٠٠.
(٢) تهذيب المنطق والكلام لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ـ ٧٩٢ هـ / ١٣٨٩ م) ألّفه سنة ٧٨٩ هـ طبع في لكنا و ١٨٦٩ م. وله شروح كثيرة. معجم المطبوعات العربية ، ٦٣٦ ـ ٦٣٧.
(٣) التفتازاني هو مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني ، سعد الدين. ولد بتفتازان عام ٧١٢ هـ / ١٣١٢ م وتوفي بسمرقند عام ٧٩٢ هـ / ١٣٨٩ م. من أئمّة البيان واللغة والمنطق. له العديد من المصنفات. الاعلام ٧ / ٢١٩ ، بغية الوعاة ٣٩١ ، مفتاح السعادة ١ / ١٦٥ ، الدرر الكامنة ٤ / ٣٥٠.
(٤) شرح الشمسية لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ـ ٧٩٢ هـ / ١٣٨٩ م) وتعرف بسعد الدين على الشمسية ، شرح فيها التفتازاني متن الشمسية لنجم الدين لعلي بن عمر بن علي القزويني الكاتبي (ـ ٦٧٥ هـ / ١٢٧٧ م). وعلى الشمسية شروح كثيرة. استانة ١٣١٢ ه. معجم المطبوعات العربية ، ٦٣٧.
(٥) فتح القدير للعاجز الفقير لكمال الدين محمد السيواسي المعروف بابن الهمام (ـ ٨٦١ هـ / ١٤٥٦ م) ، شرح فيه متن الهداية لابي الحسن برهان الدين علي المرغيناني (ـ ٥٩٣ هـ / ١١٩٧ م). طبع في لكناو. ١٢٩٢ ه.
(٦) الطبيعي (م).