لتكون في مُستوى
الريادة ، لقد أوصلنا الرسالة إلى جارتنا فارس ، وكنَّا فخورين بأنَّنا صدَّرنا
رسالة تُعزِّز الإنسان وتحميه ـ بالإيمان الصافي ـ مِن كُفر الإنسان ، لتكون
جارتنا معنا في ميزان مُعادلة مِن الاحترام المُتبادل ، تحمينا ونحميها في واقع
الجيرة ، وفي حقيقة البناء والإيجاب ، ولكنَّنا لم نُصدِّر رسالة تُعتبر الفارسيَّ
أبا لؤلؤة عِلجاً مِن العُلوج ، فإذا كانت الطعنة مزَّقت أمعاءه ؛ فلأنَّه هو
بالذات قد سلَّمه المَدْية التي طعنه بها ، وهي ذاتها التي سلَّح بها أبا طلحة ، ليُعلِّمنا
ـ هذا ـ أنَّ وصول خليفة النبي إلى السياسة والإدارة ، لا يتمُّ إلاَّ بضرب
الأعناق بأمر يخرج مِن بين شَفتي عبد الرحمان بن عوف.
أمَّا الآن ، فإنَّ الأُمّة هي في أشدِّ
الحاجة إلى مجلس استشاريٍّ موحَّد ، لقد عيَّنه وحده صاحب المشيئة ، دونما حاجة
مُطلقاً إلى استشارة شيوخ قبائل الأمس ، وإلاَّ فإنَّ الغِبار سيخنق الجوَّ ، ويشلُّ
العيون إلاَّ مِن حَكِّها وهي في عُماها الأحمر.
لم يكن المجلس الاستشاري هذا بحاجة
إلاَّ إلى عمر بن الخطاب يدسُّ في الكرسي أبا بكر ، ولا إلى أبي بكر يعود فيطويها
على وِرْكَي عمر ، ولا إلى عمر (يتصبيَن) بها في حِضن ابن عوف ، ولا إلى ابن عوف
يَعيف نفسه منها ليهبها ـ كأنَّها بقرة حلوب ـ لعثمان بن عفَّان ، فيُمسكها هذا
بقَرنيها ليتعلَّق بأثدائها يميناً وشمالاً ومِن الخَلف مروان بن الحَكم ، وعمرو
بن العاص ، وآخر هو أدهى الدُّهاة في عمليَّة الحَلْب والصَّرِّ ، اسمه ـ فقط ـ
مُعاوية.
أمَّا الأُقنوم الواحد ، فهو الذي عرض
اللُّعبة عليه عبد الرحمان بن عوف ، وهو يطرح الخلافة عليه والمشروطة :
«العمل بموجب كتاب الله ، وسنَّة نبيِّه
، وبموجب كلِّ تشريع سَنَّه الشيخان : أبو بكر وعمر».
لقد تعب الإمام علي وهو يشرح ، لقد
انتبه عندما سكت ، أنَّ أحداً مِن ابنيه لم