تنفيذيَّة مؤلَّفة
مِن فرقة عسكريَّة خمسينيَّة العدد ، يرأسها أبو طلحة الأنصاري ، ينتظر تنفيذ
الأوامر التي يوجِّهها إليه عبد الرحمان بن عوف ، فيتناول رأس العاصي مِن هؤلاء
المُرشَّحين الأجِلاَّء ويحذفه مِن الوجود.
هذا هو مجلس الشورى ونظامه الميداني ، والذي
ما كان له مِن الوقت حتَّى يقرِّر أبعد مِن ثلاثة أيَّام فقط ، بعد ثلاثة أيَّام
يلفظ الحُكم الرهيب عبد الرحمان بن عوف ، فتُزلزل الأرض زلزالها على رؤوس
المُرشَّحين الذين لم يتمكَّنوا مِن أنْ يُتمُّوا الفريضة!!!.
ولكنَّ الشمس ما انكسفت كسوفها مع طلوع
الصبح الرابع ، وها هو نجم عثمان بن عفَّان يبرز كالشمس فوق سماء كرسيِّ الخلافة ،
ونجا الأربعة الآخرون مِن سيف المقصلة ؛ لأنَّ ابن عوف أجبرهم ـ كما أجبر نفسه ـ
بالمُبايعة ، وأشرقت شمس جديدة على عالم الإسلام.
لقد تبسَّط الإمام علي بالشرح ، حلّل
واقع الجلسة التي راح يهزأ منها مثلما كانت هي تهزأ به ، وهو سادس مطروح فيها كأنَّه
ـ أيضاً ـ جنديٌّ بسيط مِن حِجارة الشطرنج ، ولكنَّ الجلسة السُّداسيَّة لم تكن
أقلَّ مِن مهزأة ، إذ كيف يُمكن أنْ تضمَّ قاعة ما ، سِتَّة مُرشَّحين حتَّى
يتشاوروا ـ في ما بينهم ـ أيُّهم الأصلح؟ وكلُّ واحد منهم هو المعدود في عين نفسه
ـ على الأقلِّ ـ نِعْمَ الفتى؟ إمَّا أنْ يكون الحَكَم والمُدبِّر ، والموجِّه هو
المُرجِّح والمُقرِّر ، فلماذا وجعة الرأس؟ أليس هو الأصلح في حُجَّة المنطق؟!
ولكنَّ اللُّعبة الصبيانيَّة الهوى ما
كانت بنتاً لعمر ، أكثر مِمَّا كانت عانساً يُحاول أبوها أنْ يزفَّها عروساً لشيخ
مِن شيوخ القبيلة ، أمَّا المدعوُّون إلى حَفلة العِرس ، فإنَّهم الرأي العامُّ
الذي لا يروق له أنْ يفتح رِئتيه إلاَّ لغِبار يُثار مِن تحت نعليه.
وتدخَّل الإمام إلى شرح أساس الشورى
بمعناها الوسيع وواقعها الحضاري ، إنَّها تليق بمُجتمع راقٍ له مِن العلم والفَهم
، ما يجعله مُفتِّشاً دائماً عن الحقيقة