إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإمام الحسين في حلّة البرفير

الإمام الحسين في حلّة البرفير

الإمام الحسين في حلّة البرفير

تحمیل

الإمام الحسين في حلّة البرفير

20/176
*

الأكرم ، وضمَّهم تحت كسائه ليُدفِّئهم بعَطفه ، ويُطهِّرهم مِن كلِّ عيبٍ ، هو الذي يتحسَّب بهم ؛ إذ يبنيهم لاستلام الغَد ، وأنَّ الغَد العظيم هو في استمرار الرسالة التي تستردُّ الإنسان إلى حقيقة الرُّشد ، وحقيقة بناء المُجتمع الموحَّد بالوعي والحَقِّ ـ إنَّه يعرف أنَّه بعد لحظات قصيرة سيَعبر تاركاً لهم الدار ، وأبناء الدار ـ فليتثبَّتوا أنَّهم هُمْ المُعنيَّون المُنتدبون للمُحافظة على صيانة القَرار ، إلى أنْ يطويهم ـ بدورهم ـ سُلطان الحَقِّ ، فيتركون للقيم الأُخر رسالة مُستمرَّة بنظافة الحَرف ، وأمانة النهج ، وحقيقة التطوير المُركَّز بالإيمان والجوهر.

إنَّها المُهمَّة المُنتدبون إليها ، وإنَّها القضيَّة الكبيرة والجليلة ، التي ساهم بجَلوتها وإخراجها عقلُ عليٍّ ، ولُبُّ عليٍّ ، وصدقُ عليٍّ. وإنَّه البيت الذي جعل النبي العظيم حدوده مربوطة بحدود أُخرى ، هي أبعد مِن القُربى ، وأثبت مِن خطوط الانتساب ، في مُجتمع سينسى انتسابه إلى كلِّ بطن مِن بطونه القبائليَّة ، ليبقى له ـ فقط ـ انتساب إلى القيمة المُجتمعيَّة الكُبرى ، التي قدَّمتها له الرسالة ، وجعلته بيتاً واحداً لمُجتمع إنسانيٍّ واحد ، يفهم ويعي حَقَّه في الوجود الحياتي الإنساني الكريم.

إنَّها مسؤوليَّة راح ينوخ تحت جلالها البيت النبوي المُشعُّ ، والمبنيُّ مِن لمح الرسول الأبعد ، ومِن تحسُّبه الأبلغ ؛ لتكون منه انطلاقة لسياسة العهد الطويلة الأمد ، والمحصنة بالنظافة التي تُنجبها النفوس الكريمة ، مُستقاة مِن صدر ربِّها في الحياة مَعيناً لا ينضب ، والرسالة الكريمة هي ـ بدورها ـ نفحةٌ مِن روحه ، التي لا ينمو ويتبارك الاَّ بها وبقُدسيَّتها مُجتمع الإنسان.

أنْ لا يَعي أهل السقيفة أو أيَّة سقيفة سواها ، ثقل المرام ، لا يعني أنَّه ليس ثُقلاً رَسَا بجلاله على أهل البيت (عليهم السّلام) ، ولا يعني أهل البيت تخصيصاً لحدود رابطة الدم ، بلْ يعني بيتاً لفَّه النبي الكريم بقصدٍ مربوطٍ بتعهد الرسالة. إنَّهم أوَّل المُتحسِّسين ، وأوَّل المُعانين ، وأوَّل الرازحين تحت الوطأة الجليلة ، فليكن البيت هذا ـ في وجدان أهل البيت ـ بيت الأُمَّة الأفيح والأفيأ ، إنَّه ـ في وجدانهم أيضاً ـ بيت الأمس الصغير ، وبيت اليوم الأشرق ، وبيت الغد الكبير ، الذي يحيا فيه الإنسان عزيزاً كريماً ، ومثالاً لكلِّ أُسرة يُعمِّر بها مُجتمع الإنسان.