الوالي ، فحتَّى أتمكَّن مِن ترك المدينة إلى حيث يتسنَّى لي كسب وقت أتمكَّن به مِن تنفيذ ما صمَّمت عليه ، أمَّا تفضيلي مَكَّة على أيِّ مكان آخر في الوقت الحاضر ؛ فلأنَّها حرم لا يجوز بسهولة انتهاكه واقتحامه لمُلاحقة المُحترِمين فيه ، وبذلك يتسنَّى لي تحضير عُدَّتي لتنفيذ ما أنا مُقدم عليه.
محمد : ـ عظيم ـ يا أبا عبد الله ـ! فهل لك أنْ تجعلني مُرتاحاً وتُطلعني على ما أنت الآن مُقدم عليه؟
الحسين : ـ لا شكَّ أنَّك تقصد المُبايعة ، وأنِّي بين يديك في تتميم القصد ؛ أنا لست شريك عبد الله بن الزبير في تنظيم المُبايعة ، فهو يزورني ويَشدُّ أزري فيها ، لا لأنجح بها ضِدَّ يزيد ، بلْ حتَّى أتمادى في تفسيخ الأُمَّة وتاليبها على يزيد ، فأُنهِكه ويُنهكني ، ويبقى هو مُرتاحاً حتَّى يتمُّ له ظهور على مُتْعَبَين مُضْعَفَين ، أو على واحد منهما يبقى يرقص على قبر الآخر وهو مُنهك هزيل ؛ يظنُّ عبد الله بن الزبير أنَّ الخلافة قرص مِن الحَلوى عجنته له أُمُّه ليأكله إذ ينطُّ مِن السرير ...
قال الحسين ذلك وهو بحالة مِن الاستغراق ، بدا به كأنَّه ناسٍ أنَّه يشرح لأخيه وضعاً مُتعلِّقاً بالأحداث الجارية ، وهي تستدعيه لأنْ يُقدِّم مَخرجاً يفكُّ الأزمة ، ويوجِّهها صوب الحيطة والاحتراز. أمَّا أخوه ابن الحنفيَّة ، فإنَّه لبث يُراقبه وهو تحت هذه الموجة مِن التأثير ، دون أنْ يدري أين هو الآن في سياحته التي يَعبر منها بعينيه النائمتين ، بين تضييقهما وتفتيحهما على ما لا يبدو أنَّه ملموح ومنظور ... حركة خفيفة أبداها ، استردَّت الحسين صوبه فاستأنف الحديث :
الحسين : ـ إنَّك تهتمُّ معي بالمُبايعة أليس كذلك؟ لقد شردت قليلاً وأنا أُصغي إلى أبينا الإمام علي ، لقد فسَّر كثيراً أمامي موضوع المُبايعات ، لقد عرضوها عليه في اللحظات الكثيرة التي فوجئ