الحسين : ـ والوالي الجديد ـ مروان بن الحَكم ـ ألم يُجِب على الأسئلة المطروحة؟
محمد : ـ إنَّه الأذكى على ما يبدو ، وإنْ لم يكن إلاَّ الأكذب والأروغ ، لقد قال أمام بطانته : لو أنَّ الوليد بن عتبة أصاخ جيِّداً إلى ما نصحته به ـ ولقد استشارني ـ لكان وفَّر عنَّا وعن نفسه إصغاء إلى أسئلة تُشغل بالنا بالجواب عليها ، ثمَّ استطرد وقال : أوَّل جواب عندي ، أنَّ الخليفة يزيد قد أحسن التصرُّف بعزل الوالي الأكتع والأعور ، أمَّا مَكَّة فإنَّها لن تتمكَّن طويلاً مِن حماية المُحترِمين فيها ، أمَّا المُبايعة للحسين ، فإنَّ الحسين ذاته لا يؤمن بها تقوم بها القبائل ، وتركها لنا نسيرها ونُعزِّز قوافلها ، إذا كانت الإمامة لا تكفيه فماذا يبقى علينا أنْ نفعل له؟ هل نَدمج بُردى بدجلة والفرات ونَهِبَه إيَّاها حتَّى يرتوي؟! فُرصة واحدة لا تزال مُهيَّأة أمام الحسين : مُبايعة يُقدِّمها ليزيد ، أو عُنق مضروب!!!
الحسين : ـ صدقت يا أخي محمد في وصفك الرجل ، صحيح أنَّه ذكيٌّ ، ولكنَّ في رنَّة صوته ذئباً يعوي وثعلباً يروغ ، لقد أصاب في تحديده المُبايعات التي لا يُمكن أنْ نعود إليها بعد أنْ رفضها جَدُّنا نبرة في إيقاظ القبليَّة بأنماطها العتيقة البالية ، واعتبر الإمامة ـ في مسدِّها ـ تحضيراً مُثقَّفاً بالرسالة ، ومُطيَّباً ومُعفَّفاً بها ، في سبيل وحدة الأُمَّة ورعايتها في طريق بلوغها وخلودها ، ما أطيب أخانا الحسن! يضمُّ ـ فعلاً ـ دجلة والفرات إلى بُردى في صُلحه الأبيض ، لا ليروينا وحدنا ، ولا ليروي مُعاوية ويزيد ومروان ، بلْ ليسدَّ عطش الأرض كلَّها في وحدة الرَّي ، ومِن حدود النيل إلى رحاب الغَوطة ، مِن أجل أُمَّة واحدة مجموعة العروبة في حِضن جَدِّنا العظيم محمد.