ولقد حدّث يحيى المازني عن خفارتها وصونها ، قال : كنت مجاوراً لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في المدينة مدة مديدة ، وكنت بالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ، ولا سمعت لها صوتاً ، وكانت إذا أرادت أن تزور قبر جدها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تخرج ليلاً ؛ الحسن (عليه السّلام) عن يمينها ، والحسين (عليه السّلام) عن شمالها ، وأبوها أمير المؤمنين (عليه السّلام) أمامها ، فإذا قربت من الروضة النبوية سبقها أبوها أمير المؤمنين فأخمد ضوء القناديل ، فسأله الحسن (عليه السّلام) عن ذلك مرة ، أجابه (عليه السّلام) : «أي بني ، إنّي أخشى أنّ هناك أحداً ينظر شخص اُختك زينب».
هذا هو الشرف ، وهذا هو الصون الذي حفظه التاريخ لهذه السيدة العقيلة.
قلنا : إنّ السيدة زينب بنت الإمام علي (عليهما السّلام) كانت تشبه أباها عليّاً واُمها الزهراء (عليهما السّلام) بالعبادة ، كانت تؤدي النوافل كاملة في كلِّ أوقاتها ، حتّى إنّ الحسين (عليه السّلام) عندما أوصاها ليلة العاشرة من المحرم ، فمن جملة وصاياه أن قال لها : «اُختاه يا زينب ، واُوصيك أن لا تنسيني في نافلة الليل» ، كما ذكر ذلك الفاضل البيرجندي ، وهو مدوّن في كتب السير والمقاتل.
ولم تغفل عن نافلة الليل قطّ حتّى ليلة العاشرة من