«وفى قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ : ٢ ـ ١٤٣) ؛ لقوله إلا لنعلم أن قد علمهم (١) من يتبع الرسول ؛ وعلم الله كان ـ قبل اتباعهم وبعده ـ سواء.».
«وقد قال المسلمون : فكيف بما مضى من صلاتنا ، ومن مضي منا؟. فأعلمهم الله (عز وجل) : أنّ صلاتهم إيمان (٢) ؛ فقال : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) الآية (٣)».
«ويقال : إنّ اليهود قالت : البرّ فى استقبال المغرب ، وقالت النصارى : البرّ فى استقبال المشرق بكل حال فأنزل الله (عز وجل) فيهم : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ : ٢ ـ ١٧٧). يعنى (والله أعلم) : وأنتم مشركون ؛ لأن البرّ لا يكتب لمشرك.».
«فلما حوّل الله رسوله (صلى الله عليه وسلم) إلى المسجد الحرام ـ :
__________________
(١) كذا بالأصل ؛ ولم نعثر على مصدر آخر لهذا النص. وهو : إما أن يكون قد وقع فيه تحريف فقط ، أو تحريف ونقص. فعلى الاحتمال الثاني ، لعل الأصل : «قيل : فقوله :
(إلا لنعلم) ، يعنى : إلا لتعلموا ؛ إذ قد علمهم». أي : بسبب تحويل القبلة. وهذا المعنى موافق للوجه المشهور الذي اختاره الطبري فى تفسيره (ج ٢ ص ٩) ، والذي صدر به الفخر الوجوه التي ذكرها ، فى تفسيره (ج ٢ ص ١١). وعلى الاحتمال الأول. لعل الأصل :
«قيل : إلا لنعلم أن قد علمتم.». أي : بالفعل. وهذا المعنى جمع بين الوجه الأول والوجه الثاني الذي ذكره الفخر. وعلى كل : فلا يمكن أن نطمئن إلى تصحيح لهذا النص ، أو تبيين للمعنى المراد منه ـ : ما دمنا لم نعثر له على مصدر آخر من مؤلفات الشافعي (رضى الله عنه) وغيره.
(٢) أي : لا حرج عليها ، ولن يضيع ثوابها. انظر فتح الباري (ج ١ ص ٧٣).
(٣) تمامها : (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ : ٢ ـ ١٤٣).