قال الشافعي رحمه الله : «أنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ـ أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ فذكر صلاة الخوف فقال : «إن كان خوفا (١) أشد من ذلك : صلوا رجالا وركبانا ، مستقبلى القبلة وغير مستقبليها». قال : فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ما وصفت. من أن القبلة فى المكتوبة على فرضها أبدا ، إلا فى الموضع الذي لا يمكن فيه الصلاة إليها ، وذلك عند المسايفة والهرب ؛ وما كان فى المعنى الذي لا يمكن فيه الصلاة [إليها] وبينت السنة فى هذا أن لا تترك [الصلاة] فى وقتها كيف ما أمكنت المصلى».
«فصل ذكره الشافعي رحمه الله فى إبطال الاستحسان واستشهد فيه بآيات من القرآن»
(أنا) أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي (رحمه الله) قال : «حكم الله ، ثم حكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثم حكم المسلمين ـ دليل على أن لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكما أو مفتيا : أن يحكم ولا أن يفتى إلا من جهة خبر لازم ـ وذلك : الكتاب ، ثم السنة. ـ أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه ، أو قياس على بعض هذا. ولا يجوز له : أن يحكم ولا يفتى بالاستحسان ؛ إذ (٢) لم يكن الاستحسان واجبا ، ولا فى واحد من هذه المعاني». وذكر ـ فيما احتج به ـ قول الله عز وجل : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً : ٧٥ ـ ٣٦) [قال] «فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمت أن (السدى) الذي لا يؤمر ولا ينهى. ومن أفتى أو حكم بمالم يؤمر به فقد اختار (٣) لنفسه أن يكون فى معانى السدي ـ وقد أعلمه عز وجل أنه لم يترك
__________________
(١) فى بعض نسخ الرسالة : «خوف». ولا خلاف فى المعنى.
(٢) فى الأصل : إذا. والتصحيح من كتاب ابطال الاستحسان الملحق بالأم [ج ٧ ص ٢٧١]
(٣) عبارة الام. : أجاز. وهى أوضح.