مِن قَوْس الندَّافِ مِن الصُّوفِ ، وأَنْشَدَ ثَعْلَب :
إذا اغْتَزلَتْ من بُقام الفَرِيرِ |
|
فَيا حُسْنَ شمْلَتها شَمْلَتا |
ويا طِيبَ أَرْواحِها بالضُّحَى |
|
إذا الشَّمْلَتان لهَا ابتُلَّتَا (١) |
قالَ ابنُ سِيْدَه : حُذِفَتِ الهاءُ مِن البُقَامِ ضَرُورَةً ، أَو هو جَمْع بُقَامَة ، أَو لُغَة فيها ولا أَعْرِفها ، وقوْلُه : شَمْلَتا كأَنَّ هذا يقولُ في الوَقْفِ شَمْلَت ثم أَجْرَاها في الوَصْلِ مُجْرَاها في الوَقْف.
ومِن المجازِ : البُقامَةُ القَلِيلُ العَقْلِ ، يقالُ : ما كان إلَّا بُقامَةً ، شُبِّه في قِلَّة عَقْلِه بالصُّوفِ.
وقالَ اللَّحْيانيُّ : يقالُ للرجُلِ الضَّعيفِ (٢) : ما أَنْتَ إلَّا بُقامَةٌ.
قالَ ابنُ سِيْدَه : فلا أدْرِي أَعَنَى ضَعيفَ الرأْيِ والعَقْلِ أَمِ الضَّعيفَ في جسْمِه.
والبُقْمُ ، بالضَّمِّ وبضمَّتينِ ، مِثْالُ يُسْرٍ ويُسُرِ ، بَطْنٌ من العَرَبِ ، عن ابنِ دُرَيْدٍ (٣).
قلْتُ : ويقالُ لهم أَيْضاً البقومُ الواحِدُ باقمٌ ، واسْمُه عامِرُ بنُ حوالَةَ بنِ الهنوءِ بنِ الأَزْدِ ، هكذا أَوْرَدَه صاحِبُ الأَغاني في تَرْجَمةِ حاجزٍ الأَزدِيّ عن ابنِ دُرَيْدٍ بسَنَدِه ، وفيه قال حاجزٌ : ما جَارَاني إلَّا اطيلس أَعْسَر مِن البقومِ.
وباقُومُ الروميُّ النَّجَّارُ : صَحابيُّ ، رضياللهعنه ، وهو مَوْلى سعيدِ بنِ العاصِ ، رضياللهعنه ، وهو صانِعُ المِنْبَرِ لشَّريفِ ، ذَكَرَه أَهْلُ السِّيَرِ.
وبَقِمَ البَعيرُ ، كفَرِحَ ، بَقماً : عَرَضَ له داءٌ من أَكْلِ العُنْطُوانِ ، نَقَلَه الصَّاغانيُّ.
وتَبَقَّمَ الغَنَمُ المَجْر إذا ثَقُلَ عليها أَوْلادُها في بُطونِها فرَبَضَتْ فلم تَثُرْ مِن مَوْضِعِها ، نَقَلَه الصَّاغانيُّ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه : البُقْمَةُ ، بالضمِ ، طُعْمٌ للسَّمَكِ يُرْمَى لها في الماءِ الرَّاكِدِ فتَسْمَن عليه ويَتَغيَّر الماءُ لذلِكَ ، وأَظُنُّه لُغَة عامِّيَّة في بقم الماضِي ذِكْره.
[بكم] : البَكَمُ ، محرَّكةً : الخَرَسُ ما كان ، كالبَكامَةِ ، أَو هو الخَرَسُ مع عِيٍّ وبَلَهٍ ، أَو هو أَن يُولَدَ الإنْسانُ ولا يَنْطِقَ ولا يَسْمَعَ ولا يُبْصِرَ : قالَهُ ثَعْلَب.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : بينَ الأَبْكَمِ والأَخْرَسِ فَرْقٌ في كَلامِ العَرَبِ : فالأخْرَسُ الذي خُلِقَ ولا نُطْقَ له كالبَهِيمةِ العَجْماء ، والأَبْكَمُ الذي للسانِهِ نُطْقٌ وهو لا يعْقِلُ الجوابَ ولا يُحْسِن وَجْه الكَلامِ ، وقد بَكِمَ ، كفَرِحَ ، فهو أَبْكَمُ وبَكِيمٌ ، كأَميرٍ : وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ :
فَلَيْتَ لِساني كانَ نِصْفَيْنِ منهما |
|
بَكِيمٌ ونِصفٌ عند مَجْرَى الكَواكِبِ (٤) |
وقالَ أَبو زَيْدٍ : الأَبْكَمُ هو العَييُّ الفَحِمُ (٥). وقالَ في مَوْضِعٍ آخَر مِن النَّوادرِ : هو الأَقْطَعُ اللِّسانِ ، وهو العَييُّ بالجَوابِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : هو الذي لا يَعْقِل الجَوابَ ، ج بُكْمانٌ ، بالضمِ ، كما يُجْمَعُ الأصَمُّ صُمَّاناً ، وبُكْمٌ بالضمِ كأَصَمِّ وصُمّ.
وقَولُه تعالَى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) (٦).
قالَ الزَّجَّاجُ : قيلَ : مَعْناه أَنَّهم بمنْزِلَةِ مَن وُلِدَ أَخْرَس ، قالَ : وقيلَ : البُكْمُ المَسْلُوبُو الأَفْئِدَةِ.
وقالَ ابنُ الأَثيرِ : البُكْمُ جَمْع الأَبْكَم وهو الذي خُلِقَ أَخْرَس ، ويُرادُ بهم الجُهَّالَ والرَّعاعَ لأَنَّهم لا يَنْتَفِعُونَ بالسَّمْعِ ولا بالنُّطْقِ كَثِيرَ مَنْفعةٍ فكأَنَّهم قد سُلِبُوهُما ، ومنه الحَدِيْث : «سَتَكونُ فِتْنةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ» ، أَرادَ أَنَّها لا تُبْصِرُ ولا تَسْمَع ولا تَنْطِق فهي لِذهابِ حَواسِّها لا تُدْرِك شَيئاً ولا تُقْلِع ولا تَرْتَفِع ، وقيلَ : شَبَّهَها لاخْتِلاطِها وقَتْل البَريءِ فيها والسَّقِيْم بالأَصَمِّ الأَخْرَس الأَعْمَى الذي لا يَهْتَدِي إلى شيءٍ فهو يَخْبِطُ خبْطَ عَشْواء.
__________________
(١) اللسان.
(٢) في القاموس : القليلُ العقلِ الضعيفُ الرأي. بحذف الواو.
(٣) الجمهرة ١ / ٣٢٣.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) التهذيب : المفحم.
(٦) سورة البقرة الآية ١٧١.