هذا الوَجْهِ أَيْضاً وصَوَّبوا الأَوَّل واقْتَصَرُوا عليه ؛ وعلى هذا لا تُهْمَزُ ، لأنَّه معْتلٌ واوِيٌّ ، وكَذلِكَ على الوَجْهِ الذي قبْلَه ، ويُنافِيَهُ أنَّهم لا يَنطقونَ به إلَّا مَهْموزاً ، مُؤَنَّثَةٌ وقد تُذَكَّرُ.
قالَ ابنُ بَرِّي : شاهِدُ التأْنِيثِ قَوْلُ جَوَّاس بن القَعْطَل :
جِئْتُمْ من البلدِ البَعيدِ نِياطُه |
|
والشَّأْمُ تُنْكَرُ كَهْلُها وفَتاها (١) |
وشاهِدُ التَّذْكِيرِ قوْلُ الآخَر :
يقولون إنَّ الشَّأْمَ يَقْتُلُ أَهْلَهُ |
|
فمن ليَ إنْ لم آتِهِ بخُلودِ؟ (٢) |
وقالَ ابنُ جنِّي : الشأْمُ مُذَكَّرٌ ، واسْتَشْهدَ عليه بهذا البَيْتِ ، وأَجازَ تأْنِيثَهُ في الشِّعْرِ ، ذكر ذلك في بابِ الهِجاءِ مِن الحَماسَةِ ؛ وأَمَّا قولُ الشاعِرِ :
أَزْمانُ سَلْمَى لا يَرى مِثْلَها |
|
الرَّاؤُونَ في شَأْمِ ولا في عِراق (٣) |
إنَّما نَكَّره لأَنَّه جَعَلَ كل جزءٍ منه شَأْماً ، كما احْتاجَ إلى تَنْكِيرِ العِراق ، فجعَلَ كلَّ جزءٍ منه عِراقاً.
وهو شامِيٌّ ، بغيرِ هَمْزٍ ، وشآمِيٌّ ، بالمدِّ ، وشَآمٍ ، كسَحابٍ ، وكَذلِكَ تَهام ويَمانٍ ، زَادُوا أَلِفاً فخفَّفُوا ياءَ النِّسْبَةِ.
قالَ ابنُ بَرِّي : شاهِدُ شآمٍ في النّسَبةِ قوْلُ أَبي الدَّرْداءِ مَيْسَرَةَ :
فهاتيكَ النُّجومُ وهُنَّ خُرْسٌ |
|
يَنُحْنَ على مُعاويةَ الشَّآمِ(٤) |
وامْرأَةٌ شامِيَّةٌ وشآمِيَةٌ ، الأَخيرَةُ بالمدِّ وتَخْفيفِ الياءِ ؛ ومنه قوْلُ الشاعِرِ :
هي شامِيةٌ إذا ما اسْتَقَلّت |
|
وسهيل إذا اسْتَقَلّ يَماني |
وأَشْأَمَ الرَّجُلُ : أَتَاها وذَهَبَ إليها ؛ وكَذلِكَ أَيْمَنَ إذا أَتَى اليَمَنَ ؛ قالَ بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ :
سَمِعتْ بنا قِيلَ الوُشاةِ فأَصْبَحَتْ |
|
صَرَمَتْ حِبالَكَ في الخَلِيطِ المُشْئِمِ(٥) |
وتَشَأَّمَ : انْتَسَبَ إليها ، مِثْلُ تَقَيَّسَ وتَكَوَّفَ.
وتَشَأَّمَ (٦) إذا أَخَذَ نَحْوَ شِمالِهِ ، وكَذلِكَ تَيامَنَ إذا أَخَذَ نَحْوَ يَمِينِه.
وشَأَّمَهُم تَشْئِيماً إذا سَيَّرَهُم إليها ، هكذا في النسخِ ، والصَّوابُ شَأَمَهُم شَأْماً : إذا سَيَّرَهُم (٧) ، كما في اللّسانِ.
والشُّؤْمُ ، بالضمِّ ولا يعتدُّ بالإطْلاقِ لشُهْرَتِه ولرَسْمِه بالواوِ : ضِدُّ اليُمْنِ ؛ ومنه الحدِيْثُ : «إنْ كانَ الشُّؤْمُ ففي ثلاثٍ» ، معْناهُ إنْ كانَ فيمَا يكْرُه عاقِبَتهُ ويخافُ ففي هذه الثّلاثِ ، والواو في الشُّؤْم هَمْزَة ولكنَّها خُفِّفَتْ فصارَتْ واواً ، وغلَبَ عليها التَّخْفيفُ حتى لم ينطقْ بها مَهْموزَةً.
والشُّؤْمُ السّودُ من الإِبِلِ والحِضارُ ، ككِتابٍ وسَحابٍ البيضُ منها ، ولا واحِدَ لَهما ، هذا قوْلُ الأصْمَعيِّ ، قالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ خَمْراً :
فما تُشْتَرَى إلَّا بربْحٍ سِباؤُها |
|
بَنَاتُ المخاضِ شُؤْمُها وحِضارُها (٨) |
ويُرْوَى : شِيمُها ، وهو حينئِذٍ جَمْعُ أَشْيَم ، قالَ ذلِكَ أَبو عَمْرو.
وقالَ ابنُ جنيِّ : يَجوزُ أَنْ يكونَ لمَا جَمْعه على فُعْلٍ أَلْقى ضمَّة الفاءِ فانْقَلَبَت الياءُ واواً ، ويكونُ واحِدُه على هذا أَشْيَم ؛ قالَ : ونَظِيرُ هذه الكَلِمَة عائِطٌ وعُوطٌ ، قالَ : ومِثْلُه قولُ عُقْفانَ بنِ قيسِ بنِ عاصِمٍ :
سَواءٌ عليكم شُؤْمُها وهِجانُها |
|
وإِن كان فيها واضِحُ اللَّوْنِ يَبْرُقُ (٩) |
وسَيَأْتي في ش ي م شيءٌ مِن ذلِكَ.
__________________
(١) اللسان : والبيت في شرح الحماسة للتبريزي ٤ / ٣٤ ونسبه لجواس أيضاً.
(٢) اللسان.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان.
(٥) اللسان وعجزه في الصحاح بدون نسبة ، والبيت في معجم البلدان «شأم».
(٦) في اللسان : تشاءَم.
(٧) في اللسان : «يسّرتهم» ومثله في التهذيب.
(٨) ديوان الهذليين ١ / ٢٥ وبالأصل «محاص» وفي الديوان «شومها» بدون همز ، واللسان «شيم».
(٩) اللسان.