تَرَاجَمُوا (١) بالحِجارَةِ : تَرامَوْا بها ، وارْتَجموا مِثْلُ ذلِكَ عن ابنِ الأعْرَابيِّ وأَنْشَدَ :
فهي تَرامى بالحَصَى ارْتِجامها
وتَراجَمُوا بالكَلامِ : تسابّوا ، وهو مجازٌ ؛ والمُراجَمَةُ مِثْل ذلِكَ.
والرُّجُومُ بالضمِّ ، الرُّجُمُ فهو إذاً مَصْدرٌ ، وبه فُسِّرت الآيَةُ أَيْضاً (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ).
وبَعيرٌ مِرْجَمٌ ، كمِنْبَرٍ : يَرْجُمُ الأرضَ بحَوافِرِه ، وهو مَدْحٌ.
وقيلَ : هو الثَّقيلُ مِن غيرِ بُطْءٍ ، وقد ارْتَجَمَتِ الإبِلُ وتَراجَمَتْ.
وقالَ أَبو عَمْرٍو : الرِّجامُ : الهِضَابُ ، واحِدُها رُجْمةٌ.
والرَّجْمَةُ ، بالفتحِ : المَنارَةُ شِبْه البَيْتِ كانوا يَطُوفُونَ حَوْلَها ؛ قالَ :
كما طافَ بالرَّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
ورجمَ القَبْرَ تَرْجِيماً : وَضَعَ عليه الرَّجَم ؛ وبه فُسِّر حدِيْثُ عبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه ، الذي سَبَقَ ذِكْرُه.
قالَ الجوْهَرِيُّ : والمُحَدِّثونَ يقُولُونَ : لا تَرْجُمُوا قبْرِي ، والصَّحِيحُ أنَّه مُشدَّدٌ.
ولسانٌ مِرْجَمٌ ، كمِنْبَرٍ ، إذا كانَ قَوَّالاً.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ : دَفَعَ رجلٌ رجُلاً فقالَ : لتَجِدنِّي ذا مَنْكِبٍ مِرْحَم (٢) ورُكْنٍ مِدْعَم ولِسانٍ مِرْجَم ، أَي شَدِيد.
والرَّجائِمُ : الجِبالُ التي تَرْمي بالحِجارَةِ ، واحِدُها رَجِيمةٌ.
وهَضْبُ الرَّجائِمِ : مَوْضِعٌ في قوْلِ أَبي طالِبٍ :
غِفارِية حَلَّتْ بِبَوْلانَ حَلَّةً |
|
فَيَنْبُعَ أَو حَلَّتْ بهَضْبِ الرَّجائم(٣) |
وجاءَتِ امْرأَةٌ تَسْتَرْجِمُ النبيَّ ، صلىاللهعليهوسلم ، أَي تَسْأَلُه الرَّجْم. والمِرْجَمَةُ ، كمِكْنَسَةٍ : القذَّافَةُ ، والجَمْعُ المَرَاجِمُ ؛ وتَراجَمُوا بها تَرَامَوْا.
ومراجِمُ بنُ سُلَيْمان : جَدُّ أَبي هَارُون موسى بن عيسى المُؤَذِّن البُخارِيّ الرَّاوِي عن سُفْيان بن وَكِيْع.
[رحم] : الرَّحْمَةُ ، بالفتحِ ، ويُحَرَّكُ ، حَكَاه سِيْبَوَيْه : الرِّقَّةُ.
قالَ الرَّاغبُ : الرَّحْمَةُ : رِقَّةٌ تَقْتضِي الإحْسانَ إلى المَرْحومِ ، وقد تُسْتَعْملُ (٤) تارَةً في الرِّقَّةِ المُجَرَّدَةِ ، وتارَةً في الإحْسانِ المُجَرَّدِ عن الرِّقَّةِ نَحْو : رَحِمَ اللهُ فُلاناً ؛ وإذا وصفَ به البارِي فليسَ يُرادُ به إلَّا الإحْسانُ المُجَرَّد دوْنَ الرِّقَّةِ ؛ وعلى هذا رُوِي : أَنَّ الرَّحْمةَ مِن اللهِ انْعامٌ وافضالٌ ومِن الآدَمِيِّين رِقَّةٌ وتَعَطّفٌ ، وعلى هذا قَوْله ، صلىاللهعليهوسلم ذاكِراً عن رَبِّه «أَنَّه لمَّا خَلَق الرَّحِمَ قالَ : أَنا الرَّحْمنُ وأَنْتَ الرَّحِم ، شَقَقْت اسْمَك من اسْمِي فمَن وَصَلَكَ وَصَلْته ومَن قَطَعَك قَطَعْته» (٥) ، فذلِكَ إشارَةٌ إلى ما تقدَّمَ ، وهو أَنَّ الرَّحمةَ مُنْطَويةٌ على مَعْنَيَيْن : الرِّقَّةُ والإحْسانُ ، فرَّكَّزَ تعالَى في طبائِعِ الناسِ الرِّقَّةَ وتَفَرَّدَ بالإِحْسانِ فصارَ (٦) كما أَنَّ لَفْظَ الرَّحِمِ ، مِن الرَّحْمةِ ، فمعْناهُ المَوْجودُ في الناسِ مِن المعْنَى المَوْجودِ للهِ فتَناسَبَ مَعْناهُما تَنَاسُبَ لَفْظيهما. انتَهَى.
وقال الحراليُّ : الرَّحْمةُ نحلةُ ما يوافي المَرْحُوم في ظاهِرِه وباطِنِه ، أَدْناه كَشْف الضُّرّ وكَفّ الأَذَى ، وأَعْلاه الاخْتِصاص برَفْعِ الحِجابِ.
وقالَ القاشانيّ : الرَّحْمةُ على قسْمَيْن : امْتِنانِيَّةٌ ووُجُوبيَّةٌ ؛ فالامْتِنانِيّة هي الرَّحْمَة المُفيضةُ للنّعَمِ السابِقَةِ على العَمَلِ وهي التي (وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) ؛ وأَمَّا الوُجوبيَّةُ فهي المَوْعودَةُ للمُتَّقِيْن والمُحْسِنِيْن في قوْلِه تعالَى : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) (٧) ؛ وفي قوْلِه تعالَى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٨) ؛ قالَ : وهي دَاخِلَةٌ في الامْتِنانِيَّة لأنَّ الوَعْدَ بها على العَمَلِ مَحْضُ المنَّة.
__________________
(١) بالأصل : «لا تراجموا» والمثبت بحذف «لا» موافق للسان.
(٢) في اللسان «مرجم».
(٣) اللسان.
(٤) عن المفردات وبالأصل «يستعمل».
(٥) عن المفردات : ومن قطعك بتتُّه.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : فصار الخ كذا بالنسخ وليس بظاهر فحرره» وهي نفس عبارة المفردات.
(٧) الأعراف الآية ١٥٦.
(٨) الأعراف الآية ٥٦.