لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها |
|
ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها (١) |
وهذا كما قالوا : خَلَت الدارُ واستخْلَت وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه ؛ زَادَ الزَّمَخْشَرِيُّ : واسْتَمْلَلْتُ به تَبَرَّمْتَ.
وأَمَلَّني إمْلالاً وأَمَلَّ عليَّ أَي أَبْرَمَني. يقالُ : أَدَلَّ فأَمَلَّ ، فهو مَلٌّ ومَلولٌ ومَلولَةٌ ومالولَةٌ ومَلَّالة ، بالتَّشْديدِ ، وذو مَلَّةٍ ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ :
إِنَّك والله لَذُو مَلَّة |
|
بطرفك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ (٢) |
وفي العُبَاب : قالت جارِيَةٌ مِن الأَنْصارِ ، وأَنْشَدَ البَيْت هكذا.
وقالَ ابنُ بَرِّي : الشِّعْرُ لعُمَر بن أَبي رَبيعَةَ وصوابُ إنْشادِه : عن الأَقدَم وبَعْده :
قلت لها : بل أَنتِ مُعْتَلَّة |
|
في الوَصْل يا هندُ لِكَي تَصْرِمي |
وهي مَلولٌ على القِياسِ ، ومَلَولَةٌ على الفِعْل.
والمَلَلُ ، محرَّكةً : سِمةٌ على حُرَّةِ الذِّفْرَى خَلْفَ الأُذُنِ ، عن ابنِ عَبَّادٍ.
والمَلَّةُ : الرَّمادُ الحارُّ الذي يُحْمى ليُدْفَن فيه الخبزُ ليَنْضَجَ كالمَلِّ ، قالَ أَبو الأَسْود الدُّؤَليُّ يذمُّ عمَّار بن عَمْرو البجليّ وكانَ بَخِيلاً :
صَلْدِ النَّدى زاهِدٍ في كل مَكْرُمة |
|
كأَنَّما ضَيْفُهُ في مَلَّة النارِ (٣) |
وفي الحدِيْث : فقالَ له : إنَّما تُسِفُّهم المَلَّ.
والمَلَّةُ أَيْضاً : الجَمْرُ ، وبه فسِّرَ حدِيْثُ كَعْب : أَنَّه مَرَّ به رِجْل مِن جَرادٍ فأَخَذَ جَرادَتَيْن فَمَلَّهما أَي شَواهُما بالملَّةِ.
والمَلَّةُ : عَرَقُ الحُمَّى كالمُلالِ ، بالضَّمِّ.
والمُلَّةُ ، بالضَّمِّ : الخِياطَةُ الأولَى قَبْلَ الكَفِّ ، وقد مَلَّ الثوبَ يَمُلُّه مَلًّا. والمِلَّةُ ، بالكسرِ : الشَّريعَةُ أَو الدِّينُ كمِلَّةِ الإسْلامِ والنصْرَانيَّةِ واليَهُوديَّةِ ؛ وقيلَ : هي معْظمُ الدِّيْن وجُمْلَةُ ما يَجِىءُ به الرُّسُلُ ، وكَلامُ المصنِّفِ يشيرُ إلى تَرَادفِ الثلاثَةِ.
وقالَ الرَّاغِبُ : المِلَّةُ اسمٌ لمَا شَرَّعَه اللهُ تعالَى لعِبادِهِ على لسانِ أَنْبيائِه ليَتَوصَّلوا به إلى جوارِهِ ، والفَرْقُ بَيْنها وبينَ الدِّيْن أَنَّ المِلَّةَ لا تُضافُ إلّا للنبيِّ الذي تَسْتندُ إليه ، ولا تكادُ توجدُ مُضافَةً إلى اللهِ تعالَى ، ولا إلى آحادِ الأُمَّةِ ، ولا تُسْتَعْمل إلَّا في جمْلةِ الشَّرائِعِ دُوْن آحادِها.
وتَمَلَّلَ وامْتَلَّ : دَخَلَ فيها ، أَي في المِلَّةِ ، كتَسَنَّنَ واسْتَنَّ مِن السُّنَّةِ.
وقالَ أَبو إسْحاق : المِلَّةُ في اللُّغَةِ السُّنَّةُ والطَّريقَةُ ، ومن هذا أُخِذَ المَلَّة أَي الموْضِعُ الذي يختبزُ فيه لأنَّه يُؤثِّرُ في مكانِها كما يُؤثِّرُ في الطَّريقِ ، قالَ : وكَلامُ العَرَبِ إذا اتَّفَق لَفْظُه فأَكْثرُه مُشْتقٌ بعضُه مِن بعضٍ.
وفي الأساسِ : ومِن المجازِ : المِلَّةُ الطَّريقُ (٤) المَسْلوكَةُ ، ومنه مِلَّةُ إبْراهيم ، عليهالسلام خَيْرِ المِلَلِ.
وقالَ أَبو الهَيْثمِ المِلَّةُ : الدِّيَةُ ، والجَمْعُ مِلَلٌ ؛ ومنه حدِيْثُ عُمَرَ ، رضياللهعنه ، أَنَّه قالَ : ليسَ على عَرَبيٍّ ملل (٥) ؛ وأَنْشَدَ أَبو الهَيْثم :
غَنائم الفِتْيان في يوم الوَهَل |
|
ومن عَطَايا الرُّؤساء في المِلَل(٦) |
ومَلَّ القوسَ ، أَو السَّهْمَ ، أَو الرُّمح ، بالنَّارِ إذا عالَجَهُ بها ؛ ونَصُّ أَبي حَنيفَةَ : في النارِ عالَجَها بها.
ومَلَّ الشَّيءَ في الجَمْرِ : أَدْخَلَه فيه ، فهو مَمْلولٌ ومَلِيلٌ ؛ ومنه قَوْلُ كَعْب بن زُهَيْرٍ ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه :
كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنارِ مَمْلُولُ (٧)
أَي كأَنَّ ما ظَهَرَ منه للشَّمسِ مَشْويٌّ بالمَلَّةِ مِن شدَّةِ حَرِّه.
__________________
(١) اللسان.
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) اللسان والصحاح.
(٤) الأساس : الطريقة المسلوكة.
(٥) الأصل والتهذيب ، وفي اللسان والتكملة : «مِلْك».
(٦) اللسان والتهذيب.
(٧) من قصيدته بانت سعاد وتمامه :
يوماً يظل به الحرباء مصطخداً |
|
كأن ضاحية بالشمس مملولُ |