والمُتَثَاقِلُ : المُتَحَاملُ على الشيءِ بثقْلِه ، ومنه قَوْلُهم وَطِئَه وَطْأَةَ المُتَثاقِلِ ، وهذه كفَّةٌ أَثْقلُ منَ الأَخْرَى أي أَرْجَح.
ويقولُ العالِمُ لغلامِهِ : هَاتَ ثِقلي يُريدُ كُتُبَه وأَقْلامَه ، ولكلِّ صاحِبِ صناعةٍ ثَقَلٌ وهو مجازٌ نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ.
وثقلَ القَولُ إذا لم يطبْ سماعَهُ وهو مجازٌ ، وقولُه تعالَى : (قَوْلاً ثَقِيلاً) (١) أي له وَزْنٌ ، وقولُه تعالَى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) ، قيلَ : مُوسرين ومُعْسرين ، وقيلَ : خَفَّتْ عَلَيْكُم الحركةُ أَو ثَقُلَتْ وقالَ قَتَادةُ : نُشَّاطاً وغَيْر نُشَّاطٍ (٢) ، وقيلَ : شُبَّاناً وشُيوخاً ، وكلُّ ذلِكَ يدْخلُ في عُمومِها ، فإِنَّ القَصْدَ بالآيةِ الحثُّ على النَّفرِ على كلِّ حالٍ تسَهَّلَ أَو تَصَعَّبَ.
والثَّقْلُ : محرَّكةً بَيْضُ النَّعامِ وقدْ تقدَّمَ قالَ ثعْلَبةُ بنُ صُعَير :
فتَذَكَّر ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَما |
|
أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمينَها في كافِرِ (٣) |
وقولُه تعالَى : (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٤). قالَ ابنُ عَرَفَة : أَي ثَقُلت عِلْماً وموقِعاً ، وقال القُتَيْبِيُّ : ثَقُلَت أي خَفِيَتْ ، وإذا خَفِي عَلَيك الشيءُ ثَقُلَ. وقالَ الرَّاغبُ : الثَّقِيلُ والخَفِيفُ يُسْتَعْملان على وَجْهَين ، أَحَدُهما على سَبيلِ المُضَايَفةِ وهو أنْ لا يقالَ لشيءٍ ثَقِيلٌ أو خَفِيفٌ إِلَّا باعْتِبارِهِ بغيرِه ، ولهذا يصحُّ للشيءِ الواحِدِ أنْ يقالَ خَفِيفٌ إذا اعْتَبَرْتَه بما هو أثْقَل منه ، وثَقِيلٌ إذا اعْتَبَرْتَه بما هو أَخَفّ منه ، وعلى هذا قولُه تعالَى : (فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) (٥) (وَأَمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) (٦) ، والثاني أنْ يُسْتَعمل الثَّقِيلُ في الأَجسامِ (٧) المَائِلَةِ إلى الصُّعُودِ كالنَّارِ والدُّخانِ ومن هذا الثقل قولُه تعالَى : (اثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) (٨).
[ثكل] : الثُّكْلُ بالضمِ المَوتُ والهَلاكُ وفِقْدانُ الحَبِيبِ أَوِ الوَلَدِ وعلى الأَخيرِ اقْتَصَرَ الأَكْثَرُون ، ويُحَرَّكُ وفي المَثَلِ : العقوق ثكل من لم يثكل. وقد ثَكِلَهُ كفَرِحَ ثَكَلاً فهو ثَاكِلٌ وثَكْلانٌ فَقَدَه وَثَكْلَتْه وهي ثاكِلٌ وثَكْلانَةٌ وهذه عن ابن الأَعْرَابيِّ ، وهي قَليلَةُ.
وثَكولٌ فَعولٌ بمعْنَى فاعِلٍ وثَكْلَى كسَكْرَى. وأَثْكَلَت المرْأَةُ لَزِمَها الثُّكْلُ أَو صَارَتْ ذات ثُكْلٍ ، وجَمْعُ ثاكِلٍ ثَوَاكِلٌ. يقالُ : ثَكَلَتْك الثَّوَاكِلُ ، وجَمْع ثَكْلَى ثُكَالَى ، فهي مُثْكِلٌ من نسْوَةٍ مَثاكِيلَ ، يقالُ : نِساءُ الغزاةِ مَثَاكِيل. وقالَ كَعْبَ بنُ زُهَيْرٍ رضياللهعنه :
شدّ النهارَ ذراعاً عيطل نصف |
|
قامَتْ فجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ(٩) |
وأَثْكَلَها الله تعالى ولَدَها.
ومن المجازِ : قصيدةٌ مُثْكِلَةٌ كمُحْسِنَةٍ وهي التي ذُكِرَ فيها الثُّكْلُ عن ابنِ عَبَّادٍ والزَّمْخَشْرِيُّ. وقَوْلُ الشاعِرِ :
ورُمْحُه للوالِداتِ مَثْكَلَهْ (١٠)
كمْرَحَلَةٍ كما
في الحدِيثِ : «الولَدُ مَبْخَلةٌ مَجْبنَةٌ».
ومن المجازِ : فَلاةُ ثَكولٌ مَنْ سَلَكَها فُقِدَ وثُكِلَ ، ومنه قَوْلُ الجُمَيْح :
إذا ذاتُ أَهْوالٍ ثَكُولٌ تَغوَّلَتْ |
|
بها الرُّبْدُ فَوْضى والنّعامُ السَّوارحُ (١١) |
والإِثْكالُ بالكسرِ والأُثْكُول كأْطْروشٍ لغَةٌ في العِثْكالِ (١٢) والعُثْكُول : وهو الشِّمْراخُ الذي عليه البُسْر هنا ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانِيُّ وقلَّدَهما المصنِّفُ ، والصَّوابُ ذِكْرُهما في فَصْلِ الهَمْزَةِ لأَنَّها أَصْليةٌ مُبْدلةٌ من العَيْنِ وقد مَرَّتِ الإِشارَةُ إليه ، وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو :
__________________
(١) المزمل الآية ٥.
(٢) في المفردات : «نُشَّاطاً وكسالى» ولم يعزه لقتادة.
(٣) اللسان.
(٤) الأعراف الآية ١٨٧.
(٥) القارعة الآية ٦.
(٦) القارعة الآية ٨.
(٧) كذا بالأصل وثمة اضطراب في العبارة نتج عن سقط فيها ، وتمامها في المفردات : «والثاني أن يستعمل في الثقيل في الأجسام المرجحة إلى أسفل كالحجر والمدر ، والخفيف يقال في الأجسام المائلة ...»
(٨) التوبة الآية ٣٨.
(٩) عجزه في اللسان.
(١٠) اللسان وقبله :
ترى الملوك حوله مغربله
وبعده :
يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له
(١١) ديوانه ص ١٠٢ واللسان والتكملة.
(١٢) ضبطت في القاموس بالضم ، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى جرها.