قال شيْخُنا : هذا البَيْتُ قد بَسَّطَه البَغْدَادِيُّ في شرْحِ شَوَاهِدِ الرضى ، ثم التَّعرُّض لهذا البَحْثِ والنَّظرِ في كونِ الباءِ بمعْنَى على أَو مَعَ من مباحِثِ النَّحْوِ لا من مباحِثِ اللُّغةِ فذِكْرُ المصنِّفِ إيَّاه ولا سيَّما بالإِشارَةِ التي أَكْثَرُ الناسِ لا يكادُ يَهْتدِي إليها ، وليسَ بَيْتُ زُهَيْرٍ مَعْرُوفاً للناسِ في هذه الأَزْمانِ ولا دِيوانهُ موجوداً عنْدَ كلِّ إنْسانٍ ، فلذلِكَ قالُوا : إنَّ تَعَرُّضَه لهذا البَحْثِ من الفضُولِ كما نَبَّهُوا عليه.
والثُّفالُ كغُرَابٍ وكِتابٍ الحَجَرُ الأَسْفَلُ مِنَ الرَّحَى ربَّما سُمِّي بذلِكَ.
وكسَحابٍ وجَبَلٍ : البَطيءُ من الإِبِلِ وغيرِها يقالُ : جَمَلٌ ثفل وثَفَال ويقالُ : بتْ رَاكِبَ ثَفَال قائِدَ جَزُور. وفي حدِيثِ حذَيْفَةَ رضياللهعنه : «أَنَّه ذَكَرَ فتْنَةً فقالَ : تكونُ فيها مِثْلَ الجَمَل الثَّفَال ، الذي لا يَنْبَعثُ إلَّا كَرْهاً».
وقالَ اللَّيْثُ : ثَفَلَهُ يَثْفُلُه ثَفْلاً نَثَرَه كلَّه بِمَرَّةٍ واحِدَةٍ.
وقالَ الزَّجَّاجُ : أَثْفَلَ الشَّرابُ صَارَ فيه ثُفْلٌ. ومن المجازِ : تَثَفَّلَه عِرْقُ سوءٍ وهو مُتَثَفّلٌ بعُرُوقِ السوءِ إذا قَصَّرَ به عن المَكارِمِ عن ابنِ عَبَّادٍ ، قالَ : وثافَلَهُ بمعْنَى ثافَنَه قالَ : وثَفَّلْتُ عن اللَّبَنِ بالطَّعامِ تَثفيلاً أي أَكَلْتُ الطَّعامَ مع اللَّبَنِ* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه : في الغِرَارةِ ثُفْلة من تَمَرٍ بالتَّحريكِ نَقَلَه أَبُو تُرابٍ عن بعضِ بنِي سُلَيْم.
وتَبَرْدَعْتُ فلاناً وتَثَفَّلْتُه عَلَوتُه أي جَعَلْتُه تَحْتِي كالبردعَة والثِّفَالِ وهو مجازٌ.
وأَبُو ثِفَالٍ المريُّ ككِتابٍ شاعِرٌ تابِعِيُّ اسْمُه ثُمَامَة بنُ وائِلٍ رَوَى عن أَبي هُرَيْرَةَ وأَبي بَكْرِ بنِ حُوَيْطِبٍ وعنه عَبْدُ الرَّحْمن بن حَرْمَلَةَ الأَسْلَميّ وسُلَيْمن بنُ بِلالٍ والدَراورْدِيُّ.
[ثقل] : الثِّقَلُ كعِنَبٍ ضِدُّ الخِفَّةِ قالَ الرَّاغِبُ : وهما مُتَقَابِلان فكل ما يَتَرَجَّحُ على ما يُوزَنُ به أَو يُقَدَّرُ به يقالُ هو ثَقِيلٌ وأَصْلُه في الأَجْسامِ. ثم يقالُ في المَعَاني نَحْو : أَثْقَلَه الغُرْمُ والوِزْرُ ، قالَ الله تعالى : (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) (١). ثَقُلَ الشيءُ كَكَرُمَ ثِقَلاً كصَغُرَ صِغَراً وثَقالَةً كَكَرامَةٍ فهو ثَقيلٌ وثَقالٌ كسَحابٍ وغُرَابٍ ج ثِقالٌ بالكسرِ وثُقْلٌ بالضمِ ، وشاهِدُ الثقال قَوْلُه تَعَالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) (٢).
والثَّقَلُ محرَّكَةً مَتاعُ المُسافِرِ وحَشَمُه والجَمْعُ أَثْقالٌ ، وكلُّ شيءٍ خطيرٍ نفيسٍ مَصونٍ له قَدْرٌ ووَزْنٌ ثقل عنْدَ العَرَبِ ومنه قيلَ لبيضِ النَّعامِ ثقل لأَنَّ آخِذَه يفْرَحُ به وهو قوتٌ ، وكذلك الحدِيثُ : «إِنَّي تارِكٌ فيكُم الثَّقَلَيْنِ كِتابَ اللهِ وعِتْرَتِي» جَعَلَهما ثَقَلَيْن إعْظاماً لقَدْرِهما وتَفْخِيماً لهما. وقالَ ثَعْلَب : سمَّاهُما ثَقَلَيْن لأنَّ الأَخْذَ بهما والعَمَل بهما ثَقِيلٌ.
والثَّقَلانِ الإِنْسُ والجِنُّ لأَنَّهما فُضِّلا بالتَّمييزِ الذي فيهما على سائِرِ الحَيَوانِ. ومن المجازِ قَوْلُهُ تعالى : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٣) الأَثْقالُ كُنوزُ الأَرضِ وقيلَ : ما تضمَّنَتْه من أَجْسادِ مَوْتاها عنْدَ الحشرِ والبَعْثِ. ويكونُ الثقْلُ في المَعَاني ومنه الأَثْقالُ بمعْنَى : الذُّنوبُ ومنه قَوْلُه تعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) (٤) أي آثَامَهُم التي هي تُثْقِلُهم وتُثَبِّطُهم عن الثَّوابِ كقَوْلِه تعَالَى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٥).
والأَثْقالُ : الأَحْمالُ الثَّقِيلَةُ ومنه قولُه تعَالَى : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ) (٦). واحدَةُ الكُلِّ ثِقْلٌ بالكسرِ كحِمْلٍ وأَحْمالٍ وثَقَّلَهُ تَثْقِيلاً جَعَلَهُ ثَقيلاً وأَثْقَلَهُ حَمَّلَهُ ثَقيلاً فهو مُثْقَلٌ حَمَلَ فَوْقَ طاقَتِه.
وأَثْقَلَتْ المرْأَةُ وثَقُلَتْ ككَرُمَ فهي مُثْقِلٌ اسْتَبَانَ حَمْلُها ومنه قولُه تعالى : (فَلَمّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ) (٧) أي ثَقُلَ حَمْلُها في بطْنِها. وقالَ الأَخْفَشُ : أَثْقَلَتْ أي صَارَت ذاتَ ثِقْلٍ ، كما يقالُ أَتْمَرْنا أي صرْنَا ذَوي تَمْرٍ.
والمُثَقَّلَةُ كمُعَظَّمَةٍ رُخامَةٌ يُثَقَّلُ بها البساطُ وكان القِياسُ أَنَّهُ يكونُ كمُحَدِّثَةٍ ، ومِثْقالُ الشيءِ مِيزانُهُ من مِثْلِهِ وقَوْلُه تعالى : (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) (٨) أي زِنَةُ ذَرَّةٍ ، قالَ الشاعِرُ :
__________________
(١) الطور الآية ٤٠.
(٢) سورة التوبة الآية ٤١.
(٣) الزلزلة الآية ٢.
(٤) العنكبوت ١٣.
(٥) النحل الآية ٢٥.
(٦) النحل الآية ٧.
(٧) الأعراف الآية ١٨٩.
(٨) سورة الزلزلة الآية ٧.