ويقالُ اضْرُبُوا في الأَرْضِ أَمْيالاً تَجِدُوا بِلالاً. والبلَّةُ بالكسرِ الخَيْرُ والرِزْقُ يقالُ : جاءَ فلانٌ فلم يَأْتِنا بِهَلَّة ولا بَلَّة ، قالَ ابنُ السَّكّيت فالهَلَّة من الفَرَحِ والاسْتِهْلالِ ، والبَلَّة من البَلَلِ والخيرِ. ومن المجازِ : البِلَّةُ : جَرَيانُ اللِّسانِ وفصاحَتُه أو وُقوعُهُ على مَوَاضِعِ الحُروفِ واسْتِمْرَارُهُ على المَنْطِقِ وسَلاسَتُه تقُولُ : ما أَحْسَن بِلَّة لسانِه وما يقَعُ لسَانُه إلَّا على بِلَّتِه.
وفي الأَسَاسِ : ما أَحْسَن بِلَّة لسَانِه إِذَا وَقَعَ على مخارِجِ الحُروفِ. وقالَ اللَّيْثُ : البِلَّةُ والبَلَلُ الدونُ أو البِلَّةُ : النَّدَاوَةُ وهذا قد تقدّم قريباً فهو تِكْرارٌ. والبِلَّةُ : العافِيَةُ من المَرَضِ. وقال الفرَّاءُ : البِلَّةُ : الوَلِيمَةُ وقال غيرُه : البُلَّةُ بالضمِ ابْتِلالُ الرُّطَبِ (١) قالَ إِهَابُ بنُ عُمَيرٍ :
حتى إِذا أَهْرَأَنَّ بالأَصائِل |
|
وفارَقَتْها بُلَّة الأَوَابِل (٢) |
يقُولُون : سِرْنَ في بَرْدِ الرّواحِ إلى الماءِ بعدَ ما يَبِسَ الكَلأ ، والأَوَابِل : الوحوشُ التي اجْتزأَتْ بالرُّطْبِ عن الماءِ والبُلَّةُ : بَقِيَّةُ الكَلَأِ عن الفرَّاءِ. والبَلَّةُ : بالفتحِ طَراءَةُ الشَّبابِ عن ابنِ عَبَّادٍ ويُضَمُّ والبَلَّةُ : نَوْرُ العِضاهِ أو الزَّغَبُ الذي يكونُ بعدَ النَّوْرِ عن ابنِ فارِسَ. وقيلَ : البَلَّةُ : نَوْرُ العُرْفُطِ والسَّمُرِ.
وقالَ أَبو زَيْدٍ : البَلَّةُ : نَوْرَةُ بَرَمة السَّمُر ، قالَ وأَوَّل ما تَخْرُج البَرَمة ثم أَوَّل ما تَخْرُج من بدءِ الحُبْلَة كعُبورةٌ نحو بدءِ الْبُسْرة فَتِيك البَرَمةِ ، ثم ينبتُ فيها زَغَبٌ بيْضٌ وهو نَوْرَتُها ، فإذا أَخْرجْتَ تلْك سُمِّيت البَلَّةُ والفَتّلة فإذا سَقَطْن عن طَرَفِ العُودِ الذي يَنْبُتْنَ فيه نَبَتَتْ فيه الحُبْلة (٣) إِلَّا للسَّلَم والسَّمُر وفيها الحبُّ. أَو بَلَّةُ السَّمُر : عَسَلُهُ عن ابنِ فارِسَ (٤) ، قالَ : ويُكْسَرُ.
وقالَ الفرَّاءُ : البَلَّةُ : الغِنَى بعدَ الفَقْرِ كالبُلَّى كرُبَّى والبَلَّةُ بَقِيَّةُ الْكَلَإِ ويُضَمُّ وهذه قد تقدَّمَتْ فهو تِكْرارٌ. والبَلَّةُ ثَمَرُ القَرَظِ الْبَلِيلُ كأميرٍ ريحٌ بارِدَةٌ مَعَ نَدًى وهي الشمالُ كأَنَّها نَنْضحُ الماءَ من بردِها للواحِدَةِ والجَميعِ. وفي الأَسَاسِ : ريحٌ بَلِيلٌ بارِدَةٌ بِمطَرٍ.
وفي العُبَابِ والجَنُوب أَبَلُّ الرِّياح قالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ثوراً :
ويَعُوذُ بالأَرْطَى إذا ما شَفَّهُ |
|
قَطْرٌ وراحَتْهُ بَليلٌ زَعْزَعُ (٥) |
وقد بَلَّتْ تَبِلُّ من حَدِّ ضَرَبَ بُلولاً بالضمِ والبِلُّ بالكسرِ الشِّفاءُ من قَوْلِهم : بَلَّ الرجُلُ من مَرَضِه إذا بَرَأَ ، وبه فَسَّرَ أَبُو عُبَيْد حدِيثَ زَمْزَم : «لا أُحِلُّها المُغْتسل وهي لشَارِب حِلٌّ وبِلٌّ».
وقيلَ : البِلُّ هنا المُباحُ نَقَله ابنُ الأَثيرِ وغيرُه من أَئمةِ الغَريبِ. ويقالُ حِلٌّ وبِلٌّ أي حلالٌ ومُبَاحٌ. أَو هو إِتْباعٌ ويمنَعُ من جوازِه الواو. وقال الأَصْمَعِيُّ : كنْتُ أَرَى أن بِلَّا إِتْبَاعٌ حتى زَعَمَ المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمان أن بِلًّا في لغةِ حِمْيرَ مُبَاحٌ وكَرَّر لاخْتِلافِ اللفظِ توكيداً ، قالَ أَبُو عُبَيْد : وهو أَوْلى لأَنَّا قلَّما وَجَدْنا الاتباع بواوِ العطفِ. ومن المجازِ : بَلَّ رَحِمَه يَبُلُّها بَلَّا بالفتحِ وبِلالاً بالكسرِ أي وصَلَها. ومنه الحدِيثُ : «بُلُّوا أَرْحامَكم ولو بالسَّلامِ» أي نَدُّوها بالصِّلةِ.
ولمَّا رَأَوْا بعضَ الأَشْياءِ يتَّصِل ويَخْتلطُ بالنَّداوَةِ ويَحْصلُ بَيْنهما التّجَافي والتفرُّق باليُبْس اسْتَعَارُوا البَلَّ لمعْنَى الوَصْل واليُبْسَ لمعْنَى القَطِيعةِ فقالُوا في المَثَلِ : لا توبس الثرى بيني وبينك. ومنه حديثُ عُمَر بن عَبْد العَزيزِ : «إذا استشنَّ ما بَيْنك وبَيْن اللهِ فَابْلُلْهُ بالإِحْسانِ إلى عبَادِهِ» وقالَ جَرِيرُ :
فلا تُوبِسوا بيني وبينكم الثرى |
|
فإنّ الذي بيني وبينكم مثرى |
وفي الحدِيثِ : «غيرَ أَنَّ لكُم رَحِماً سَأَبُلُّها بِبلالِها» أي سَأَصلُها بصِلَتِها قالَ أَوْسُ بنُ حَجَر :
كأَنَّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ حين مَدَحْتُه |
|
ململمة غبراء يبساً بِلالُها(٦) |
وبَلالٌ كقَطامِ اسمٌ لِصِلَةِ الرَّحِمِ وهو مَصْرُوفٌ عن بالَّةٍ وسَيَأْتِي شاهِدُه قريباً. وبَلَّ الرجُلُ بُلولاً بالضمِ وأَبَلَّ نَجَا من الشِّدَّة والضِّيقِ وبَلَّ من مَرَضِه يَبِلُّ بالكسرِ بَلَّا بالفتحِ وبَلَلاً محرَّكةً وبُلولاً بالضمِ أي صحَّ وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ :
__________________
(١) ضبطت في الصحاح واللسان بالقلم باسكان الطاء.
(٢) اللسان والصحاح والتهذيب والثاني في المقاييس ١ / ١٨٧.
(٣) في اللسان والتهذيب : «الخُلْبة».
(٤) المقاييس ١ / ١٨٨.
(٥) ديوان الهذليين ١ / ١١ وعنه الضبط.
(٦) تقدم في المادةُ ، وانظر تعليقنا هناك.