بمعْرُوفٍ ، والضَّميرُ عائِدٌ إلى الخائِلِ لأَنَّه أَقْربُ مذْكُورٍ ، ويَجُوزُ إعادَتُه للخَيْلِ بناءً على أَنَّه اسمُ جَمْعٍ ، أَمَّا على القَوْلِ بأَنَّه مؤنَّثٌ كما نَصّوا عليه فيَتَعَيّن عَوْدِه للخائِلِ ، قالَهُ شيْخُنا.
ويَشْهدُ لمَا قالَهُ أَبُو عُبَيْدَة ما حَكَاه أَبُو حاتِمٍ نَقْلاً عن الأَصْمَعِيّ قالَ : جاءَ مَعْتُوهٌ إلى أَبي عَمْرٍو بنِ العَلاءِ فقالَ : يا أَبَا عَمْرو لِمَ سَمَّيْت الخَيْل خَيْلاً؟ فقالَ؟ لا أَدْرِي فقالَ : لكن أَدْرِي ، فقالَ : عَلِّمنا ، قالَ : لاخْتِيالِها في المَشْيِ ، فقالَ أَبُو عَمْرٍو لأصْحابِه بعْدَ ما وَلَّى : اكْتُبُوا الحِكْمَة وارْوُوها ولْو عن مَعْتُوهٍ (١).
وقالَ الرَّاغِبُ : بعدَما ذَكَرَ الخُيَلاء : ومنها تُنُووِل لَفْظ الخَيْل لمَّا قيلَ لا يَرْكَبُ أَحَدٌ فَرساً إلَّا وَجَدَ في نفْسِه نَخْوةً.
قالَ ابنُ سِيْدَه : وقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ :
فتَنَازَلا وتواقَفَت خَيْلاهُما |
|
وكِلاهُما بَطَلُ اللِّقاء مُخَدَّعُ (٢) |
ثَنَّاهُ على قَوْلِهم : هُما لِقَاحان أَسْوَدَانِ وجِمالانِ جج* جَمْعُ الجَمْعِ أَخْيالٌ وخُيولٌ وهذه أَشْهر وأَعْرَفُ ، ويُكْسَرُ.
قالَ الرَّاغِبُ : والخَيْلُ في الأَصْلِ اسمٌ للأَفْراسِ والفُرْسَانِ (٣) جميعاً. قالَ تعالَى : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) (٤) ويُسْتَعْمَلُ في كلِّ واحدٍ منهما مُنْفرداً نَحْو ما رُوِي : يا خَيْلَ الله ارْكَبِي أَي يا ركاب خَيْلٍ الله فحُذِفَ للعِلْم اخْتِصاراً فهذا للفُرْسانِ. وكذا قَوْله تعالَى : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) (٥) ، أي بفُرْسانِك ورَجَّالَتِك. وجاءَ في التَّفْسِيرِ : أَنَّ خَيْلَه كُلّ خَيْلٍ تَسْعَى في مَعْصِيةِ الله ، ورجلَه كلّ ماشٍ في مَعْصِيةِ الله.
وفي الحدِيثِ : «عَفَوت لَكُم عن صدَقَةِ الخَيْلِ» ، يعْنِي الأَفْراسَ وكذا قَوْله تعالَى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) (٦) وخَيْلُ : د قُرْبَ قَزْوينَ بَيْنها وبَيْن الرَّيِّ.
وزَيْدُ الخَيْرِ هو ابنُ مَهْلهلِ بنِ زَيْدِ بنِ منهبِ الطَّائيُّ النَّبْهانيُّ ، كان يُدْعَى زَيْدَ الخَيْلِ لِشَجَاعَتِهِ فَسَمَّاهُ النبيُّ (٧) ، صلىاللهعليهوسلم ، لمَّا وَفَدَ عليه في سَنَة تسْعٍ من الهُجْرةِ : زَيْدَ الخَيْرِ لأَنَه بمعْنَاهُ ، وأَثْنَى عليه وأَقْطَعَه أَرْضين ، وقد تقدَّمَ ذِكْرُه في ا ل ف.
وأَيْضاً : أَزالَ تَوَهُّمَ أَنَّه سُمِّيَ به لِما اتَّهَمَهُ به كَعْبُ بنُ زُهَيْرِ بنِ أَبَي سُلْمى مِنْ أَخْذِ فَرَسٍ له.
ويقالُ : فلانٌ لا تُسَايَرُ خَيْلاهُ أَو لا تُواقَفُ خَيْلاهُ لا تُسايَرُ ولا تُواقَفُ أي لا يُطَاقُ نَميمةً وكَذِباً ، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه وهو مجازٌ.
وقالُوا : الخَيْلُ أَعْلَمُ من فُرْسانِها ، يُضْرَبُ لمن تَظُنُّ به ظَنًّا أَنَّ عنْدَه غَنَاء أَو أَنَّه لا غَنَاء عنْدَه ، فتَجِدُه على ما ظَنَنْتَ نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.
والخِيلُ : بالكسرِ السَّذابُ نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ ، وأَيْضاً : الحِلْتيتُ يمانِيَّةٌ نَقَلَه ابنُ سِيْدَه ، ويُفْتَحُ. وخَالَ يَخالُ خَيْلاً : دَاوَمَ على أَكْلِه ، أَي السَّذابُ ، قالَهُ الأَزْهَرِيُّ ، وهو قَوْلُ ابن الأَعْرَابِيِّ ، ونَصه خَالَ يَخِيلُ خَيْلاً.
وخِيلَةُ الأَصْفَهانِيُّ بالكسرِ محدِّثٌ ، وهو أَبُو القاسِمِ عبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ الغَفَّارِ بنِ محمدِ بنِ المظفر البَصْرِيُّ الفَقيهُ الهَمَدانىُّ يُعْرَفُ بخِيلَة ، ويُلَقَّبُ ببحيرٌ (٨) سَمِعَ الكثيرَ بأَصْبَهان ، وأَدْرَك أَصْحابَ الطبْرانيّ ؛ قالَ ابنُ مَاكُولا : سَمِعْتُ منه ، قالَهُ الحافِظُ.
قلْتُ : فقَولُ المصنِّفِ الإِصْفَهانيّ فيه نَظَرٌ.
والمُخايَلَةُ : المُباراةُ ، خَايَلْت فلاناً أي بارَيْته وفَعَلْت فعْلَه ، قالَ الكُمَيْتُ :
أَقولُ لهم يَوم أَيْمانُهم |
|
تُخايِلُها في النَّدى الأَشْمُلُ (٩) |
تُخايلُها : أي تُفاخِرُها وتُبارِيها.
__________________
(١) العبارة في المقاييس ٢ / ٢٣٥ فقال أبو عمرو : اكتبوا ، وهذا صحيح ، لأن المختال في مشيته يتلون في حركته ألواناً.
(٢) ديوان الهذليين ١ / ١٨ برواية : فتناديا وتواقفت.
(*) كذا بالأصل والقاموس : «ج».
(٣) ضبطت في القاموس بالضم.
(٤) الأنفال الآية ٦٠.
(٥) الإسراء الآية ٦٤.
(٦) النحل الآية ٨.
(٧) لفظ «النبي» ليست في القاموس.
(٨) في التبصير ١ / ٢٤٢ : يلقب بخبير.
(٩) اللسان والصحاح والتهذيب.