وأَنْشَدَه ابنُ سِيدَه للنّابِغَةِ [الجعدي] (١) ولكنَّ ابنَ بَرِّيّ أَيَّدَ قولَ الجَوْهَرِيِّ.
وحَلْقَةُ البابِ والقَوْمِ بالفَتْحِ ، وكَذا كُلُّ شَيْءٍ اسْتَدَارَ ، كحَلْقَةِ الحَدِيدِ والفِضَّةِ والذَّهَبِ وقد تُفْتَحُ لامُهُما حَكاه يُونُسُ عن أَبِي عَمْرِو بنِ العَلاءِ ، كما في الصِّحاحِ ، وحَكاه سِيبَوَيْه أَيضاً ، واخْتارَه أَبو عُبَيْدِ في الحَدِيدِ ، كما سيأْتِي قريباً وقد تُكْسَرُ أَي : حاؤُهُما ، كما في اللِّسانِ ، وفي العُبابِ تكْسَرُ اللَّامُ ، نَقَلَه الفَرّاءُ والأُمَوِيُّ ، وقالا : هي لُغَةٌ لبَلْحارِثِ بنِ كَعْبٍ في الحَلْقَة والحَلَقَة.
أَو لَيْسَ في الكَلامِ الفَصِيحِ حَلَقَةٌ مُحَرَّكَةً إِلّا في قَوْلِهم : هؤُلاءِ قَوْمٌ حَلَقَةٌ ، للَّذِينَ يَحْلِقُونَ الشّعرَ ، وفي التَّهْذِيبِ : يَحْلِقُونَ المِعْزَى جَمْع حالِقٍ قال الجَوْهَرِيُّ : قالَ أَبو يُوسُفَ : سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبانِيَّ ، يَقُول هكَذا. قالَ شَيْخُنا ، وقد جَزَم به أَكثرُ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ ، وعليه اقْتَصَر التَبْرِيزِيُّ في [تَهْذِيب] إِصْلاحِ المَنْطَقِ ، وجَماعَةٌ من شُرّاحِ الفَصِيحِ. أَو التَّحْرِيكُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وقالَ ثَعْلَبٌ : كُلُّهُم يُجِيزُه على ضَعْفه ، وقال اللِّحْيانِيُّ : حَلْقَةُ البابِ ، وحَلَقَتُه ، بإِسْكانِ الّلامِ وفَتْحِها ، وقالَ كُراع : حَلْقَةُ القَوْم وحَلَقَتُهم ، وقالَ اللَّيْثُ : الحَلْقَةُ بالتَّخْفِيفِ من القَوْمِ ، ومِنْهُم من يَقُول : حَلَقَةٌ ، وقالَ أَبو عُبَيْدٍ : أَخْتارُ في حَلَقَةِ الحَدِيدِ فتحَ الّلامِ ، ويَجُوزُ الجَزْمُ ، وأَخْتارُ في حَلْقَةِ القَوْمِ الجَزْمَ ، ويَجُوزُ التَّثْقِيل ، وقالَ أَبو العَبّاسِ : وأَخْتارُ في حَلْقَة الحَدِيدِ وحَلْقَةِ النّاسِ التَّخْفِيف ، ويَجُوز فيهما التَّثْقِيلُ ، وعِنْدَه ج : حَلَقٌ مُحَرَّكَةً وهو عَلَى غيرِ قِياسِ ، قالَه الجَوْهَرِيُّ ، وهو عندَ سِيبَوَيْهِ اسمٌ للجَمْع ، وليس بجَمْعٍ ؛ لأَنَّ فَعْلَةَ لَيْسَتْ مما يُكَسَّرُ على فَعَل ، ونَظِيرُ هذا ما حَكاهُ من قَوْلِهم : فَلْكَةٌ وفَلَكٌ ، وقد حَكَى سِيبَوَيْه في الحَلْقَةِ فتحَ الَّلامِ ، وأَنْكَرَها ابنُ السِّكِّيتِ وغيرُه ، فعَلَى هذه الحِكَاية حَلَقٌ جَمْعُ حَلَقَةٍ ، وليس حينئِذٍ اسمَ جَمْعٍ ، كما كانَ ذلِك في حَلَق الّذِي هو اسمُ جَمْعٍ لحَلْقَةٍ ، ولم يَحْمِلْ سِيبَوَيْه حَلَقاً إِلّا عَلَى أَنّه جَمْعُ حَلْقَة ، وإن كانَ قد حَكَى حَلَقَةً ، بفتحها.
قلتُ وقد اسْتَعْمَلَ الفَرَزْدَقُ حَلَقَةً في حَلْقَةِ القَومِ ، قال :
يا أَيُّها الجالِسُ وَسْطَ الحَلَقَهْ |
|
أَفِي زِناً قُطِعْتَ أَمْ في سَرِقَهْ |
وقالَ الرّاجِزُ :
أُقْسِمُ باللهِ نُسْلِمُ الحَلَقَهْ |
|
ولا حُرَيْقاً وأُخْتَه الحُرَقَهْ (٢) |
وقال آخَرُ :
حَلَفْتُ بالملْحِ والرَّمادِ وبالنّ |
|
ارِ وباللهِ نُسْلِمُ الحَلَقَهْ |
حَتّى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِراً |
|
ويَخْضِبُ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقَهْ |
وقالَ الأَصْمَعِيُّ : حَلْقَةٌ من النّاسِ ، ومن الحَدِيدِ ، والجَمْعُ : حِلَقٌ كبِدَرٍ في بَدْرَة ، وقِصَعٍ في قَصْعَة ، وعَلَى قَوْلِ الأُمَوِيِّ والفَرّاءِ : جمع حِلْقَة بالكسرِ ، على بابِه وحَلَقاتٌ ، مُحَرَّكَةً حكاه يُونُسُ عن أَبِي عَمْرٍو ، هو جَمْعُ حَلَقَةٍ مُحَرَّكَةً ، وكذلِكَ حَلَقٌ ، وأَنشدَ ثَعْلَبٌ :
أَرِطُّوا فقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكُم |
|
عَسَى أَن تَفُوزُوا أَن تَكُونُوا رَطائِطَا |
وتقَّدَم تفسيرُه في : «ر ط ط» وفي الحَدِيثِ : «نَهَى عن الحِلَقِ قَبْلَ الصَّلاةِ» وفي رِوايَةٍ : «عن التَّحَلُّقِ» هي : الجَماعَةُ من الناسِ مُسْتَدِيرِين كحَلْقَةِ البابِ وغَيْرِها ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ : «الجالِسُ وَسَطَ الحَلْقَةِ مَلْعُونٌ» وفي آخر «نَهَى عن حَلَقِ الذَّهَبِ» وتُكْسَرُ الحاءُ فحِينَئذٍ يَكُون جَمْعَ حِلْقَة ، بالكسرِ.
وقالَ أَهْلُ التَّشْرِيح : للرَّحِمِ حَلقتانِ : حَلْقَةٌ على فَمِ الفَرْجِ عند طَرَفِه ، والحَلْقَةُ الأُخْرَى تَنْضَمُّ على الماءِ وتَنْفَتِحُ للحَيْضِ وقِيلَ : إِنَّما الأُخْرَى التى يُبالُ منها ، يُقالُ : وَقَعَت النُّطْفَةُ في حَلْقَةِ الرَّحِمِ ، أَي : بابِها ، وهو مَجازٌ.
وقال ابنُ عَبّادٍ : يُقالُ : انْتَزَعْتُ حَلْقَتَهُ كأَنّه يُريدُ سَبَقْتُه.
وقَوْلُهم للصَّبِيِّ المَحْبُوبِ إِذا تَجَشَّأَ : حَلْقَةً وكَبْرَة ، وشَحْمَةَ في السُّرَّة أَيْ : حُلِقَ رَأْسُكَ حَلْقَةً بعدَ حَلْقَةٍ حَتّى
__________________
هلّا كررت على ابن أمك معبد |
|
والعامري يقوده بصفادِ |
(١) زيادة عن اللسان.
(٢) تقدم في مادة حرق منسوباً لهانىء بن قبيصة قاله يوم ذي قار ، برواية آليت بالله بدلاً من أقسم بالله.