وقال حُمْرانُ ذُو الغُصَّة (١) :
سِبَحْلٌ له نِزْكانِ كانا فَضِيلَةً |
|
على كل حافٍ في الأَنامِ وناعِلِ (٢) |
وأَنْشَدَ الجاحِظُ لامْرَأَةٍ وقد لَامَها ابنها في زَوْجِها :
وَدِدْتُ لو أَنَّه ضَبٌّ وأَني |
|
ضُبَيْبَةُ كُدْيَةٍ وَحَداً خَلاءَآ (٣) |
أَرَادتْ بأَنَّ له أَيْرَيْنِ وأَنَّ لها رَحِمَين شَبَقاً وغُلمةً. قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ : رَأَيْتُ في حَواشِي أَمَالي ابن بَرِّيّ بخطِّ فاضِلٍ أَنَّ المُفَجَّعَ أَنْشَدَ في التُّرْجُمان عن الكِسَائي :
تفرَّقْتُمُ لا زِلْتُمُ قَرْنَ واحدٍ |
|
تفرُّقَ أَيْرِ الضَّبِّ والأَصلُ واحدُ (٤) |
قال : رَمَاهُم بالقِلَّة والذِّلَّةِ والقَطِيعَةِ والتفرُّقِ ، قال : ويقالُ : إنَّ أَيْرَ الضَّبِّ له رَأْسان والأَصلُ واحدُ على خلْقةِ لسانِ الحيَّةِ ، ولكلَّ ضبَّةٍ مَسْلَكانِ.
والنَّيْزَكُ كحَيْدَرٍ الرُّمْحُ القَصيرُ وقيلَ : هو نحو المِزْراقِ فارِسيٌّ معرَّبٌ وقد تَكَلَّمت به الفُصُحاءُ ، ومنه قَوْلُ العَجَّاجِ :
مُطَرَّرٌ كالنَّيْزَكِ المَطْرُورِ (٥)
ورمْحٌ نَيْزَكٌ قَصِير لا يُلْحَقُ ، حَكَاه ثَعْلَبٌ وبه يَقْتُلُ عِيْسَى عليهالسلام ، الدَّجَّالَ ، كما وَرَدَ في الحدِيثِ.
وقِيلَ : النَّيْزَكُ ذو سِنانٍ وزُجٍّ ، والعُكَّازُ له زُجٌّ ولا سِنانَ له ، والجَمْع النَّيَازِكُ قالَ ذو الرِّمَّةِ :
أَلا من لِقَلْبٍ لا يَزالُ كأَنَّه |
|
من الوَجْدِ شَكَّتْه صُدُور النَّيازِكِ (٦)؟ |
ونَزَكَهُ نَزْكاً طَعَنَه به أي بالنَّيْزَكِ. ومن المجازِ : نَزَكَ فلاناً إذا أساءَ القَوْلَ فيه وقيلَ : إِذا رَماهُ بغيرِ حَقٍّ وهو من حَدِّ ضَرَبَ كما في العُبَابِ. وقالَ ابنُ الأَثِيرِ : وأَصْلُه من النَّيْزَك الرمحُ القَصِيرُ ؛ وفي حدِيثِ ابن عَوْنٍ وذُكِرَ عنده شَهْرُ بن حَوْشَبٍ فقالَ : «إنَّ شَهْراً نَزَكُوه أَي طَعَنُوا عليه وعَابُوه.
ومن المجازِ : رجُلٌ نُزَكٌ كصُرَدٍ وهو العَيَّابُ اللُّمَزَةُ طَعَّانٌ في الناسِ وقالَ رُؤْبَةُ :
فلا تَسْمَعْ قَوْل دَسَّاسٍ نُزَكْ |
|
وارْعَ تُقَى اللهِ بنُسْكٍ مُنْتَسِكْ (٧) |
والنَّزِيكاتُ شِرارُ الناسِ وشِرارُ المِعْزَى* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه : رَجُلٌ نَزَّاكٌ : كشَدَّادٍ عَيَّابٌ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانيُّ الزَّمَخْشَرِيُّ. ومنه حدِيثُ الأَبْدَالِ : «ليسوا بنَزَّاكِين ولا مُعْجبِينَ ولا مُتَماوِنِينَ». وهي نَزِيْكَةٌ أي معِيْبَة.
وأَبُو نَصْر أَحْمَدُ بنُ محمَّدِ بنِ الحَسَنِ النِّيازَكيّ بالكسرِ عن أَحْمَدَ بنَ محمَّدِ بن الجَلِيْل بالجيمِ عن البُخَارِي بكتابِ الأَدَبِ لهَ ، وعنه أَبُو العَلاءِ الوَاسِطِيُّ وأَبو الفَتْحِ محمَّدُ بنُ مُوَفَّق بن نِيازَك النِّيازَكيُّ عن أَبي عاصِمٍ الفُضَيْليُّ (٨) وعنه ابنُ عَسَاكِر.
ونَازِكٌ : كصَاحِبٍ ابْنةُ محمَّدِ بن إِبْرَاهيم حدَّث عنها سَعْدُ (٩) بنُ علِيّ الزنجانيُّ نَقَلَه الحافِظُ.
[نسك] : النَّسْكُ مُثَلَّثَةً وبضمتين العِبادةُ والطاعَةُ ، وكلُّ ما تُقُرِّبَ به إلى اللهِ تعَالى. ومنه قَوْلُه تعَالى : (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي) (١٠) وقيلَ لثَعْلب : هل يُسَمَّى الصَّوم نُسُكاً؟ فقال : كلُّ حَقٍّ لله تعالى يُسَمَّى نُسُكاً. وقد نَسَكَ للهِ تعَالى كنَصَرَ وكَرُمَ ، الضمُّ عن اللَّحْيَانيِّ. وتَنَسَّكَ أي تَعَبَّدَ نُسْكاً مُثَلَّثَةً وبضمتينِ ونَسْكَةً بالفتحِ ومَنْسَكاً كمَقْعَدٍ ونَساكَةً ككَرَامَةٍ وهو مَصْدَرُ نُسكٍ بالضمِ وهو مجازٌ.
وأَصْل النُّسْكُ بالضم وبضمتين وكَسفينَةٍ الذّبيحَةُ أو النَّسْكُ بالفَتْحِ الدَّمُ هكذا يَقْتَضِي إِطْلاقه والصَّوابُ أو النَّسْكُ بضمَّتَيْن الدَّمُ. ومنه قَوْلُهم : من فَعَلَ كذا وكذا فعَلَيْه نُسُك أي دمٌ يُهَرِيقُه بمكَّةَ. والنَّسيكَةُ كسفينَةٍ الذِّبْحُ بالكسرِ والجَمْعُ نُسُكٌ ونَسَائِكُ. والمَنْسِكُ كمَجْلِسٍ ومَقْعَدٍ شِرْعَةُ
__________________
(١) في اللسان : وقال أبو الحجاج يصف خبّاً ، وصوب ابن بري نسبته إلى حمران ذي الغصة.
(٢) اللسان والتهذيب والصحاح ومقاييس اللغة ٥ / ٤١٦ والأساس.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان.
(٥) اللسان.
(٦) الأساس واللسان.
(٧) ديوانه ص ١١٧ والتكملة.
(٨) انظر التبصير ٤ / ١٣٤٠.
(٩) في التبصير ١ / ١٩٣ : «سعيد».
(١٠) سورة الأنعام الآية ١٦٢.