والمَعْنَى : من كَثُرَ إِخْوَتُه كانَ منهُم في عِزٍّ ومَنَعَةِ. قالَ ابنُ بَرّي : ومنه قَوْلُ الشّاعر :
فلو شَاءَ رَبِّي كانَ أَيرُ أَبِيكُمُ |
|
طَوِيلاً كأَيْرِ الحَارِث بنِ سَدُوسِ |
وذَاتُ النِّطاقَيْنِ هي أَسماءُ بِنْتُ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رضياللهعنهما ؛ لأَنَّها كانَتْ تُطَارِقُ نِطاقاً على نِطاق ، وقِيلَ : إِنَّه كانَ لها نِطاقَان تَلْبَس أَحدَهما ، وتَحْمِل في الآخَرِ الزَّادَ إِلى سيِّدِنا رسولِ الله صلىاللهعليهوسلم وأَبِي بَكْر رضياللهعنه ، وهُمَا في الغَارِ ، وهذا أَصحُّ القَوْلَين ، وقِيلَ : لأَنَّها شَقَّتْ نِطاقَها ليلةَ خُرُوجِ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم إِلى الغَارِ ، فجَعَلَتْ واحدةً لِسُفْرةِ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والأُخرَى عِصاماً (١) لقِرْبتهِ.
ورُوِيَ عن عائشةَ رضياللهعنها أَنَّ النبيَّ صلىاللهعليهوسلم لَمَّا خَرَجَ مع أَبِي بَكْر مُهاجِرَيْنِ صَنَعْنا لهما سُفْرةً في جِرابٍ ، فقَطَعَت أَسماءُ من نِطاقها ، وأَوْكَت به الجِرابَ ، فلِذلك كانَتْ تُسَمَّى ذاتَ النِّطاقَيْنِ.
وذَاتُ النِّطاق : أَكَمَةٌ م معروفة لِبَنِي كِلاب ، وهي مُنَطَّقَةٌ بِبَياضٍ وأَعْلاها سَواد. قال ابنُ مُقْبِلٍ :
ضَحَّوا قَلِيلاً قَفَا ذَاتِ النِّطاق فلم |
|
يَجْمَع ضحاءَهُمُ هَمِّي ولا شَجَنِي |
وقالَ أَيضاً :
خَلَدَت ولم يخْلُدْ بها مَنْ حَلَّها |
|
ذاتُ النِّطاقِ فبَرْقَةُ الأَمْهارِ |
وقالَ ابنُ عَبَّادٍ : النِطاقَانِ : أَسْكَتا المَرْأَةِ.
والمِنْطِيقُ بالكسرِ : البَلِيغُ ، أَنشدَ ثَعْلَبٌ :
والنَّومُ ينتَزع العَصَا من رَبّها |
|
ويَلُوكُ ثِنْيَ لِسانِه المِنْطِيقُ (٢) |
وقالَ شَمِرٌ : المِنْطيقُ في قَوْلِ جَرِيرٍ :
والتَّغْلَبِيُّون بِئْسَ الفَحلُ فَحْلُهُمُ |
|
قِدْماً ، وأُمُّهُمُ زَلّاءُ مِنْطِيقُ(٣) |
قالَ : هي المَرأَة : المُتَأَزِّرَةُ بحَشِيَّةٍ تُعَظِّمُ بها عَجِيزَتَها.
ويُقالُ : نَطَّقَه تَنْطِيقاً إِذا أَلْبَسَه المِنْطَقَة فتَنَطَّق وانْتَطَق.
وأَنْشَدَ ابنُ الأَعرابيِّ :
تَغْتالُ عُرْضَ النُّقْبةِ المُذالَهْ |
|
ولم تَنَطَّقْها على غِلَالَهْ (٤) |
ومن المَجاز : نَطَّقَ المَاءُ الأَكَمَةَ وغَيْرَها كالشَّجَرةِ : بَلَغ نِصْفَها ، واسمُ ذلك الماءِ النِّطاقُ ، على التَّشَبُّهِ بالنِّطاق المُقَدَّم ذِكْرُه ، نَقَلَه الأَزْهَريُّ.
والنُّطُق ، بضَمَّتَيْن في قَوْلِ العَبَّاس بنِ عبدِ المُطَّلبِ رضياللهعنه يمدحُ رسولَ الله صلىاللهعليهوسلم :
حَتّى احْتَوَىَ بيتُك المُهَيْمِنُ مِنْ |
|
خِنْدِفَ عَلْياءَ تَحْتَها النُّطُقُ |
هي أَعْراضٌ ونَواحٍ من جِبالٍ بَعضُها فَوْقَ بَعْض واحِدُها نِطاقٌ ، شُبِّهَتْ بالنُّطُق التي تُشَدُّ بها الأَوساطُ ضَرَبَه مَثَلاً له في ارْتِفاعِه وتَوَسُّطِه في عَشِيرَتِه ، وجَعَلَهم تَحْتَه بمَنْزِلة أَوْساط الجِبال. وأَرادَ بِبَيْته شَرَفَه ، والمُهَيْمِنُ نعتُه ، أَي : حتى احتَوى شَرَفُك الشاهدُ على فَضْلِك أَعْلَى مَكانٍ من نَسَب خِنْدِف.
ومن المَجازِ : المُنْتَطِقُ : العَزِيزُ مَأْخُوذٌ من قَوْلِ عليٍّ رضياللهعنه السابق ، نَقَلَه ابنُ عبّادٍ والزَّمَخْشَريُّ.
والمُنَطَّقَة كمُعَظَّمةٍ من الغَنَمِ : ما عُلِّم عليها بحُمْرةٍ في مَوْضِع النِّطاق ، نقله الصاغانِيُّ. وفي اللِّسان : المُنَطَّقة من المَعزِ : البَيْضاء مَوْضِعَ النِّطاق.
وقَولُهم : جَبَلٌ أَشَمُّ مُنَطَّق ، كمُعَظَّم مأْخوذٌ من نَطَّقه المِنْطقَة فتَنَطَّق ؛ لأَنَّ السَّحابَ لا يَبْلُغ رَأْسَه أَي : أَعلاهُ ، كما هو في الصِّحاح.
ومن المَجاز : جاءَ مُنْتَطِقاً فرسَه : إِذا جَنَبَه ولم يَرْكَبْه.
وفي نُسْخةٍ : مُتَنَطِّقاً ، وهُما صَحِيحان. وأَنشَدَ الجوهريُّ لخِداشِ بنِ زُهَيْر :
وأَبْرحُ ما أَدامَ الله قَومِي |
|
على الأَعْداءِ مُنتَطِقاً مُجِيدَا (٥) |
__________________
(١) في اللسان : شداداً لزادهما.
(٢) البيت لحميد بن ثور ، ديوانه ص ١١٣.
(٣) البيت في الديوان ص ٣٩٥ برواية : «فحلهم فحلاً» والبيت من شواهد النحويين «انظر شرح ابن عقيل باب بئس ونعم».
(٤) اللسان ، وزاد في مادة غلّ شطراً ثالثاً :
إلّا لحسن الخلق والنبالة
(٥) عجزه في التهذيب : بحمد الله منتطقاً مجيداً.