ويُقال : فَعَلَه في غِبّ صادِقَةٍ ، أَي : بَعْدَ ما تَبَيَّنَ له الأَمْرُ ، نقله ابنُ دُرَيْدٍ.
وأَصْدَقَها حتى تَزَوَّجَهَا : جَعَلَ لها صَداقاً ، وقيل : سَمَّى لها صَداقَها وفي الحَدِيث : «ليسَ عندَ أَبوَيْنا ما يُصْدِقانِ عنا «أَي : يُؤَدِّيان إِلى أَزواجنا الصَّداق.
ولَيْلَةُ الوَقُودِ تُسمَّى السَّدْقُ (١) ، بالسّينِ المُهملة وبالصَّادِ لَحْن. قلتُ : وقد مَرَّ له أَنه بالسِّينِ ، والذّالُ مُعْجَمةٌ محركة ، مُعرَّب سَذَهْ ، ونقله الجَوْهَرِيُّ أَيضاً ، فانظُر ذلِك.
وصَدَّقه تَصْدِيقاً : قَبِل قولَه ، وهو ضِدّ كَذَّبه ، وهو قوله تعالى : (وَصَدَّقَ بِهِ) (٢) قال الراغب : أَي حَقَّق ما أَوْرَدَه قَولاً بما تَحرَّاه فعلاً.
وصَدَّق الَوحْشِيُّ : إِذا عَدَا ولم يَلْتَفِت لما حُمِل عليه نَقلَه ابن دُرَيد (٣) وهو مجاز.
والمُصَدِّق ، كمُحَدّث : آخِذ الصَّدَقات أَي : الحُقُوق من الإِبِل والغَنَم ، يقبِضها ويَجْمَعُها لأَهل السُّهْمان.
والمُتَصَدِّق : مُعْطِيها ، وهكذا هو في القُرآن ، وهو قولُه تعالى : (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) (٤).
وفي الحَدِيث : «تصَدَّقُوا ولو بِشِقِّ تَمْرةٍ». هذا قول القُتَيْبِيّ وغيرِه.
وقال الخَلِيلُ : المُعْطِي مُتَصَدِّقٌ ، والسائِلُ مُتَصدِّق ، وهما سواء.
وقال ابنُ السِّيد ـ في «شرح أَدب الكاتب» لابن قُتَيْبة ـ يقال : تَصدَّقَ : إِذا سأَل الصَّدَقَة ، نقله عن أَبي زَيْد وابنِ جِنِّي. وحكى ابنُ الأَنبارِيّ في «كتابِ الأَضْدادِ» مثلَ قولِ الخَلِيل. قال الأَزهريُّ : وحُذّاق النَّحْوِيِّين [وأئمة اللغة] (٥) يُنكِرُونَ أَن يُقال للسَّائِل مُتصدِّق ، ولا يُجِيزُونه قال ذلك الفَرَّاءُ والأَصمَعِيُّ وغَيرُهُما. والمُصادَقَة والصِّداقُ كَكِتاب : المُخالَّة ، كالتَّصَادُقِ والصَّداقَة ، وقد صَدَقه النَّصِيحَةَ والإِخاءَ : أَمْحَضَه له.
وصادَقَه مُصادَقةً وصِداقاً : خَالَلَهُ ، والاسْمُ الصَّداقَةُ.
وتَصادَقَا في الحَدِيثِ ، وفي المَودَّةِ : ضدُّ تَكاذَبَا. وقال الأَعْشَى :
ولقد أَقطَعُ الخَلِيلَ إِذا لَمْ |
|
أَرْجُ وَصْلاً إِنَّ الإِخاءَ الصِّداقُ(٦) |
وفي التَّنْزِيل : إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ (٧) وأَصله المُتَصَدِّقين والمُتَصَدِّقات فقُلِبَت التَّاءُ صاداً ، وأُدْغِمَت في مِثْلِها وهي قِراءَة غَيْرِ ابن كَثِيرٍ وأَبي بَكْر ، فإِنَّهما قرآ بتَخْفِيفِ الصَّاد ، وهم الذين يُعطُون الصَّدقاتِ.
* ومما يُستَدْرَك عليه :
التَّصْداقُ ، بالفَتْح : الصِّدْق.
والمُصدِّق ، كمُحدِّث : الذي يُصدِّقُك في حَدِيثك.
ورجلٌ صِدْقٌ ، وامرأَة صِدْقٌ : وُصِفا بالمَصْدر.
وصِدْقٌ صادِقٌ ، كقولهم : شِعْرٌ شاعِر ، يُرِيدُون المبالغةَ.
وقال الرّاغب : وقد يُستَعْملُ الصِّدْق والكَذِبُ في كُلِّ ما يَحِقُّ ويَحصُلُ عن الاعْتِقادِ ، نحو صَدَقَ ظَنِّي وكَذَبَ.
قلتُ : ومنه قولُه تَعالَى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) (٨) بتخفيف الدّال ونَصْب الظَّنِّ ، أَي : صَدَق عليهم في ظَنِّه.
قالَ الفَرَّاءُ : ومن قَرأَ بالتَّشْدِيدِ فمَعْناه أَنه حَقَّقَ ظَنَّه حِينَ قال : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) (٩) لأَنه قال ذلك ظَانًّا ، فحَقَّقَهُ في الضّالِّينَ.
وقال أَبو الهَيْثم : صَدَقَنِي فُلانٌ ، أَي : قالَ لِيَ الصِّدْقَ.
وقالَ غيرُه : صَدَقَه النَّصِيحَةَ والإِخاءَ ، أَي : أَمْحَضَه له.
وحَمْلةٌ صَادِقةٌ ، كما قالوا : لَيْسَت لها مَكْذُوبةٌ ، وهو مَجاز.
وقَولُ أَبي ذُؤَيبٍ :
__________________
(١) ضبطت في الصحاح «سذق» : السَّذَقُ بالتحريك.
(٢) سورة الزمر الآية ٣٣.
(٣) الجمهرة ٢ / ٢٧٤.
(٤) سورة يوسف الآية ٨٨.
(٥) زيادة عن التهذيب.
(٦) ديوانه ط بيروت ص ١٢٧.
(٧) سورة الحديد الآية ١٨.
(٨) سورة سبأ الآية ٢٠.
(٩) سورة النساء الآية ١١٩.