ساكِنِها أَفضَلُ الصلاةِ والسّلامِ ، وبه فَسَّرَ السُّكَّرِيُّ قولَ القَتّالِ الكِلابِيِّ :
إِلى ظُعُنٍ بينَ الرُّسَيْسِ فعاقِل |
|
عوامِدَ للشِّيقَيْنِ أَو بَطْنِ خَنْثَلِ |
وذُو الشِّيقِ ، بالكسرِ : ع وهو فِي قَوْلِ المُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ «ذات الشِّيقِ» :
كأَنَّ عَجُوزِي لم تَلِدْ غَيْرَ واحِدٍ |
|
وماتَتْ (١) بذاتِ الشِّيقِ ... |
[والشِّيقَةُ بالكسر : طَائِرٌ مائِيٌّ] *.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليهِ :
الشِّيقُ بالكَسْرِ : ما جُذِبَ (٢).
والشِّيقُ : ما لم يَزُلْ.
وشاقَ الطُّنُبَ إِلى الوَتِدِ شَيْقاً ، مثل شاقَهُ شَوْقاً (٣).
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : الشِّياقُ ، ككِتابٍ : النِّياطُ.
فصل الصاد مع القاف
[صدق] : الصِّدقُ بالكَسْر والفَتح : ضِدُّ الكَذِب والكسر أَفصح كالمَصْدُوقَة ، وهي من المَصادر التي جاءَت على مَفعُولة ، وقد صَدقَ يَصدُق صَدْقاً وصِدْقاً ومَصْدُوقَةً (١).
أَو بالفَتْح مَصْدرٌ ، وبالكَسْر اسمٌ.
قال الرّاغِب : الصِّدْق والكَذِب أَصلُهُما في القَوْل ، ماضِياً كان أَو مُسْتَقْبلاً ، وَعْداً كان أَو غيره ، ولا يَكونَان بالقَصْدِ الأَول إِلّا في القَوْل ، ولا يَكونَان من القَوْل إِلّا في الخَبَرِ دُون غَيْره من أَنواع الكلام ، ولذلك قال تَعالى : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) (٤) ، (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) (٥) (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) (٦).
وقد يَكُونان بالعَرْض في غَيْره من أَنْواع الكلام ، كالاستِفْهام ، والأَمْر ، والدُّعاءِ ، وذلِك نَحوُ قولِ القَائِل : أَزَيْدٌ في الدّارِ؟ فإِنَّه في ضِمْنه إِخْبار بكَوْنِه جَاهِلاً بِحالِ زيْدٍ ، وكذا إِذا قال : وَاسِني ، في ضِمْنِه أَنَّه مُحْتاج إِلى المُواساةِ ، وإِذا قال : لا تُؤْذنِي ، فَفِي ضِمْنِه أَنه يُؤذِيه ، قال : والصِّدقُ : مطابَقَةُ القَولِ الضَّمِيرَ ، والمُخْبَرَ عنه مَعاً ، ومَتَى انْخَرَم شَرْطٌ من ذلك لم يَكُن صِدْقاً تَامّاً ، بل إَّما أَلّا يوصف بالصّدق وإِما أَن يُوصَف تارةً بالصّدق وتَارةً بالكَذِب على نَظَرين مُخْتَلِفين ، كقَوْلِ كافرٍ ـ إِذا قالَ من غَيْر اعتِقاد ـ : مُحمَّدٌ رَسولُ الله ، فإِنَّ هذا يَصِحُّ أَن يُقال : صِدْقٌ ، لكَوْنِ المخبَر عنه كَذلك. ويَصِحُّ أَن يُقال : كِذْبٌ ؛ لمُخالَفَةِ قَولِه ضَمِيرَهُ ، وللوجْهِ الثَّانِيِ أَكْذَبَ اللهُ المُنَافِقينَ حَيْثُ قالوا : (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) (٧) فقال : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) (٨) انتَهِى.
يُقال : صَدَق في الحَدِيثِ يَصدُق صِدْقاً.
وقد يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولين ، تَقول : صدَقَ فُلاناً الحدِيثَ أَي : أَنْبَأَه بالصِّدْقِ. قالَ الأَعْشَى :
فصدَقْتُها وكَذَبْتُها |
|
والمَرْءُ ينفَعُه كِذابُهْ (٩) |
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وماتت بذات الشيق ، هكذا هو بالأصل الذي بأيدينا ، وانظر تمامه» والبيت في ديوان الهذليين ٣ / ٦١ في شعر البريق الهذلي يرثي أخاه وتمامه فيه :
كأن عجوزي لم تلد غير واحد |
|
وماتت بذات الشَّتِّ غير عقيمِ |
والشّتّ شجر طيب الريح وذكر ياقوت أنه موضع بالحجاز ، فلعل الموضع نسب إلى هذا الشجر.
وفي شرح أشعار الهذليين ٢ / ٧٤٥ برواية : ومات بذات الشرْي. قال ياقوت موضع في قول البريق وذكر البيت. والشرْي : شجر الحنظل.
(*) ساقطة من المصرية والكويتية.
(٢) في التهذيب : «ما حدث» والأصل كاللسان.
(٣) يعني نيط به ، أي شده إليه وأوثقه به ، وقد تقدم هذا المعنى في مادة شوق. وشاهده قول دريد بن الصمة يرثي أخاه :
فجئت إليه والرماحُ يَشِقْنَهُ |
|
كوقعِ الصياصيِ في النسيج الممددِ |
(٤) لم ترد في اللسان ، وذكر مكانها : وتَصْداقاً.
(٥) سورة النساء الآية ٨٧.
(٦) سورة النساء الآية ١٢٢.
(٧) سورة مريم الآية ٥٤.
(٨) من الآية الأولى من سورة «المنافقون» وبالأصل : «إنك رسول الله».
(٩) لم أجده في ديوانه ، والبيت في اللسان.