وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ للشّاعِر :
هاجَ الهَوَى رَسْمٌ بذَاتِ الغَضَا |
|
مُخْلَوْلِقٌ مُسْتَعْجِمٌ مُحْوِلُ |
واخْلَوْلَقَ مَتْنُ الفَرَسِ : إِذَا امَّلَسَ.
ويُقال : خالَقَهُم مُخالَقَةً : إِذا عاشَرَهُم على أَخْلاقِهِم ، ومنه الحَدِيثُ : «اتَّقِ الله حَيْثُ كُنْتَ ، وأَتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها ، وخالِقِ النّاسَ بخُلُقٍ حَسَن».
ويُقال : خالِصِ المُؤْمِنَ ، وخالِقِ الكافِرَ ، وقالَ الشاعِر :
خالِقِ النّاسَ بخُلْقٍ حَسَنٍ |
|
لا تَكُنْ كَلْباً على النّاسِ يَهِرّ (١) |
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
من صِفاتِ الله تَعالَى ـ جَلَّ وَعَزّ ـ : الخَلّاقُ ، ففي كِتابِه العَزِيز : (بَلى وَهُوَ الْخَلّاقُ الْعَلِيمُ) (٢) ومَعْناه ومَعْنَى الخالِقِ سواءٌ.
وخَلَقَ اللهُ الشَّيْءَ خَلْقاً : أَحْدَثَه بعدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ.
والخَلْقُ : يَكُونُ المَصْدَرَ ، ويَكُون المَخْلُوقَ.
وفي الأَساسِ : ومن المَجازِ : خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ : أَوْجَدَهُ على تَقْدِيرٍ أَوْجَبَتْهُ الحِكْمَةُ.
وقولُه عَزَّ وجَلَّ : (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) (٣) قيل : مَعْناهُ دِينُ اللهِ ، قالَه الحَسَنُ ومُجاهِدٌ ؛ لأَنَّ الله فَطَرَ الخَلْقَ على الإِسْلامِ ، وخَلَقَهُم من ظَهْرِ آدَمَ عليهالسلام كالذَّرِّ ، وأَشْهَدَهُم أَنَّه رَبُّهُم ، وآمَنُوا ، فمَنْ كَفَرَ فقَدْ غَيَّرَ خَلْقَ اللهِ ، وقِيلَ : المُرادُ به هُنا الخِصَاءُ ، قال ابنُ عَرَفَة : ذَهَبَ قومٌ إِلى أَنَّ قَوْلَهُما حُجَّةٌ لمن قال : الإِيمانُ مَخْلُوقٌ ، ولا حُجَّةَ له ، لأَنَّ قَوْلَهُما : دِينُ اللهِ أَرادَا حُكْمَ اللهِ ، وكَذَا قَولُه تَعالَى : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٤) قالَ قَتادَةُ : أَي : لدِينِ اللهِ. وحَكَى اللَّحْيانِيُّ عن بَعْضِهم : لا والَّذِي خَلَقَ الخُلُوقَ ما فَعَلْتُ ذلِك ، يريدُ جَمِيعَ الخَلْقَ.
ورَجُلٌ خَلِيقٌ ، كأَمِيرٍ ، بَيِّنُ الخَلْقِ ، أَي : تامُّ الخَلْقِ مُعْتَدِلٌ ، وهي خَلِيقَةٌ ، وقِيلَ : خَلِيقٌ : تَمَّ خَلْقُه ، وقِيلَ : حَسُنَ خَلْقُه ، وقالَ اللَّيْثُ : امْرأَةٌ خَلِيقَةٌ : ذاتُ جِسْمٍ وخَلْقٍ ، ولا يُنْعَتُ به الرَّجُل.
وفي حَديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وقَتْلِه أَبا جَهْلٍ : «وهو كالجَمَلِ المُخَلَّقِ» أَي : التامِّ الخَلْقِ. والخَلِيقُ كالخَلِيقَةِ ، عن اللِّحْيانِيِّ ، قالَ : وقالَ القَنانِيُّ في الكِسائِيِّ :
وما لِي صَدِيقٌ ناصِحٌ أَغْتَدِي لَهُ |
|
ببَغْدادَ إِلّا أَنْتَ بَرٌّ مُوافِقُ |
يَزِينُ الكِسائِيَّ الأَغَرَّ خَلِيقُهُ |
|
إِذا فَضَحَتْ بعضَ الرِّجالِ الخَلائِقُ |
وقد يَجُوز أَنْ يَكُونَ الخَلِيقُ جَمْعَ خَلِيقَةٍ ، كشَعِيرٍ وشَعِيرَةٍ ، قالَ : وهُو السّابِقُ إِليَّ.
والخَلِيقَةُ : الأَرْضُ المَحْفُورَةُ.
والخُلُقُ : العادَةُ ، ومنه قَوْلُه تعالى : (إِنْ هذا إِلّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ).
وخَلَقَ الثَّوْبُ : بَلِيَ ، وأَنْشَد ابنُ بَرِّيٍّ للشّاعِرِ :
مَضَوْا وكأَنْ لَمْ تَغْنَ بالأَمْسِ أَهْلُهُم |
|
وكُلُّ جَدِيدٍ صائِرٌ لِخُلُوقِ |
وقد أَخْلَقَ الثَّوْبُ إِخْلاقاً ، واخْلَوْلَقَ : إِذا بلِيَ ، وأَخْلَقْتُه (٥) أَنَا : أَبْلَيْتُه ، يَتَعَدَّى ولا يَتَعدَّى.
ويُقال : أَخْلَقَ فَهُو مُخْلِقٌ : صارَ ذا إِخْلاقٍ ، وأَنْشَد ابنُ بَرِّيٍّ لابن هَرْمَةَ :
عَجِبَتْ أُثَيْلَةُ أَنْ رَأَتْنِي مُخْلِقاً |
|
ثَكِلَتْكِ أُمُّكِ ، أَيُّ ذاكِ يَرُوعُ؟ |
قد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى ورِداؤُه |
|
خَلَقٌ وجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ |
__________________
(١) البيت لطرفة بن العبد وهو في ديوانه ط بيروت ص ٦٣ برواية :
خالط الناس بخلقٍ واسع |
|
لا تكن كلباً على الناس تهرّ |
وهو من الحكم.
(٢) سورة يس الآية ٨١.
(٣) سورة النساء الآية ١١٩.
(٤) سورة الروم الآية ٣٠.
(٥) عن اللسان وبالأصل «أو خلقته أنا».