ومن المَجازِ : أَحْنَقَ الرَّجُلُ : إِذا حَقَدَ حِقْداً لا يَنْحَلُّ ومنه قولُ عُمَرَ ـ رضياللهعنه ـ : «لا يَصْلُحُ هذا الأَمْرُ إِلا لِمَنْ لا يُحْنِقُ على جِرَّتِه»
أَي : لا يَحْقِدُ على رَعِيَّتِه ، وأَصْلُ ذلِك أَنَّ البَعِيرَ يَقْذِفُ بجِرَّتِه ، وإِنَّما وُضِعَ موضِعَ الكَظْمِ من حيثُ إِنَّ الاجْتِرارَ يَنْفُخُ البَطْنَ ، والكَظْمَ بخِلافِه ، فيُقال : ما يُحْنِقُ فُلانٌ عَلَى جِرَّةٍ ، وما يَكْظِمُ على جِرَّةٍ : إِذا لم يَنْطَوِ على حِقْدٍ ودَغَلٍ ، وقال ابنُ الأَعْرابِيِّ : ولا يُقالُ للرّاعِي جِرَّة ، وجاءَ عُمَرُ بهذَا الحدِيثِ فضَرَبَه مَثَلاً.
وأَحْنَقَ الزَّرْعُ : انْتَشَرَ وفي نُسْخَةٍ : انْتَثَرَ سَفَى سُنْبُلِه بعدَ ما يُقَنْبِعُ قال ابنُ الأَعْرابي : قَنْبَعَ الزَّرْعُ ثم أَحْنَقَ ، ثم مَدَّ لِلحَبِّ أَعْناقَه ، ثمّ حَمَلَ الدَّقِيقَ ، أَي صارَ السُّنْبُلُ كالدَّحارِيجِ في رأْسِه مُجْتَمِعاً ، ثم بَدَت أَطْرافُ سَفاه ، ثم بَدَتْ أَنابِيبُه ، ثَمَّ نَما وصارَ كرُؤُوسِ الطَّيْرِ.
كحَنَّقَ تَحْنِيقاً وهذه عن ابْن عَبّادٍ.
وأَحْنَقَ الصُّلْبُ : لَزِقَ بالبَطْنِ وكذلِكَ السَّنامُ : إِذا ضَمُرَ ودَقَّ ، قالَ لَبِيدٌ رضياللهعنه :
بطَلِيحَ أَسْفارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّةً |
|
مِنْها فأَحنَقَ صُلْبُها وسَنامُها (١) |
وقال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ :
وحَلَّأها حَتَّى إِذا هِيَ أَحْنَقَتْ |
|
وأَشْرَفَ فوقَ الحالِبَيْنِ الشّراسِفُ (٢) |
وأَحْنَقَ الحِمارُ : ضَمَرَ من كَثْرَةِ الضِّرابِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، وأَنْشَدَ قولَ الرّاجِز :
كأَنَّنِي ضَمَّنْتُ هَقْلاً عَوْهَقَا |
|
أَقْتادُ رَحْلِي أَوْ كُدُرًّا مُحْنِقَا |
وقيلَ : الإِحْناقُ لكُلِّ شَيْءٍ من الحُفِّ والحافِرِ ، والمُحْنِقُ من الحَمِيرِ : الضّامِرُ الّلاحِقُ البَطْنِ بالظَّهْرِ ، وقالَ أَبو الهَيْثَمِ : المُحْنِقُ : الضامِرُ ، فلم يُقَيِّدْ ، وأَنشدَ :
قد قالَتِ الأَنْساعُ للبَطْنِ الْحَقِي (٣)
قِدْماً فآضَتْ كالفَنِيقِ المُحْنِقِ
وإِبِلٌ مَحانِيقُ : ضُمَّرٌ نَقَله الجَوْهَرِيُّ ، ومنه قولُ ذِي الرُّمَّةِ :
مَحانِيقُ يَنْفُضْنَ الخِدامَ كأَنَّها |
|
نَعامٌ وحادِيهِنَّ بالخَرْقِ صادِحُ (٤) |
هكذا فَسَّره الأَصْمَعِيُّ ، وقالَ ابن سِيدَه : المُحْنِقُ من الإِبلِ : الضامِرُ من هِياجٍ أَو غَرْثٍ ، وكذلِكَ خَيْلٌ مَحانِيقٌ ، وكأَنَّهُم قد تَوَهَّمُوا واحِدَه مِحْناقاً ، وفي التَّهْذِيبِ ـ في تَرْجَمَة «عقم» ـ قالَ خُفافٌ :
وخَيْل تَهادَى لا هَوادَةَ بَيْنَها |
|
شَهِدْتُ بمَدْلُوكِ المَعاقِمِ مُحْنِقِ |
وقالَ : المُحْنِقُ : هو الضّامِرُ ، وقد تَقَدَّمَت الإِشارَةُ إِليه في تركيبِ «ح م ق».
وفي الأَساسِ : أَحْنَقَ الفَرَسُ وغيرُه : لَصِقَ (٥) بَطْنُه بصُلْبِه ضُمْراً ، وخَيْلٌ مَحانِقُ ، ومحانِيقُ.
أَو إِبِلٌ مَحانِيقُ : سِمانٌ وقد أَحْنَقَ البَعِيرُ : إِذا سَمِنَ فجاءَ بشَحْمٍ كَثِيرٍ ، قال الأُزْهَرِيُّ : هو ضِدُّ.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
قالَ ابنُ بَرِّيٍّ : وقد جاءَ حَنِيقٌ بمَعْنَى مُحْنِقٍ ، قال المُفَضَّلُ النُّكْرِيُّ :
تَلاقَيْنا بغِينَةِ ذِي طُرَيْفٍ |
|
وبَعْضُهُمُ على بَعْضٍ حَنِيقُ |
[حوق] : الحَوْقُ : الكَنْسُ وقد حُقْتُ البَيْتَ أَحُوقُه حَوْقاً : إِذا كَنَسْتَه ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ : والحَوْقُ : الدَّلْكُ والتَّمْلِيسُ ، وقد حاقَ الشَّيْءُ حَوْقاً ، فهو مَحِيقٌ ، ومَحُوقٌ ويُقال : مَحْيُوقٌ ، أَي : مَدْلُوكٌ مُمَلَّسٌ.
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٦٨.
(٢) ديوانه ط بيروت ٦٨ وفي شرحه فسر أحنقت : ضمرت ولزق بطنها بظهرها.
(٣) كذا بالأصل وهو خطأ والصواب «للبطن الْحقِ» فالبطن مذكر.
(٤) وذكر الأزهري في التهذيب شاهداً آخر وهو قول ذي الرمة يصف الركاب فى السفر :
محانيق تُضحي وهي عوج كأنها |
|
بجوز الفلا مستأجرات نوائحُ |
قال : المحانيق : الضُّمَّر.
(٥) في الأساس : التصق.