أبان بن عثمان ، عن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان بين داوُد وعيسى عليهما السلام أربعمائة سنة وثمانون سنة ، وأُنزل على عيسى في الإِنجيل مواعظ وأمثالٌ وحدودٌ ، وليس فيها قصاصٌ ولا أحكام حدود ولا فرض مواريث ، وأُنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى عليه السلام في التّوراة ، وهو قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام : أنّه قال لبني إسرائيل : « ولاُحلّ لكم بعض الّذي حرّم عليكم » وأمر عيسى عليه السلام من معه ممّن تبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التّوراة وشرايع جميع النّبيين والأنجيل.
قال : ومكث عيسى عليه السلام حتّى بلغ سبع سنين أو ثمانياً ، فجعل يخبرهم بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم ، فأقام بين أظهرهم يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويعلّمهم التّوراة ، وأنزل الله تعالى عليه الانجيل لمّا أراد أن يتّخذ عليهم حجة.
وكان يبعث إلى الرّوم رجلاً لا يداوي أحداً إلّا برئ من مرضه ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، حتّى ذكر ذلك لملكهم ، فأُدخل عليه ، فقال : أتبرئ الأكمه والأبرص ؟ قال : نعم ، قال : فأتى بغلام منخسف الحدقة لم ير شيئاً قطّ ، فأخذ بندقتين فبندقهما ، ثمّ جعلهما في عينيه ودعا فاذا هو بصير ، فأقعده الملك معه وقال : كن معي ولا تخرج من مصري ، وأنزله معه بأفضل المنازل.
ثمّ إنّ المسيح عليه السلام بعث آخر وعلّمه ما به
يحيي الموتى ، فدخل الرّوم وقال : أنا أعلم من طبيب الملك ، فقالوا للملك : ذلك ، قال : اقتلوه ، فقال الطّبيب : لا
تقتله ادخله ، فإِن عرفت خطأه قتلته ولك الحجّة ، فأُدخل عليه ، فقال : أنا أحيي الموتى ، فركب
الملك والنّاس إلى قبر ابن الملك مات (١) في تلك الأيّام ، فدعا
رسول المسيح عليه السلام ، وأمّن طبيب الملك الّذي هو رسول المسيح عليه السلام أيضاً الأوّل ، فانشقّ القبر فخرج
ابن الملك ، ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه فقال : يا بنيّ من أحياك ؟ قال : فنظر
، فقال : هذا وهذا فقاما وقالا : إنّا رسول (٢) المسيح عليه السلام
إليك وانّك كنت لا تسمع من رسله إنّما تأمر بقتلهم إذا أتوك فتابع ، وأعظموا أمر المسيح عليه السلام حتّى
قال فيه
_________________________________
(١) في البحار : وكان قد مات.
(٢) في ١ : رسولا.