كُلِّ شَيْءٍ علَى التَّشْبِيه بالأَلِف ، فإِنَّه واحدٌ في الأَعْدَادِ.
وآلَفَهُمْ إِيلَافاً : كَمَّلَهُمْ أَلْفاً ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، قال أَبو عُبَيْدٍ : يُقَالُ : كان القومُ تِسْعَمِائةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِين فَآلَفْتُهُمْ ، مَمْدُودٌ ، وآلَفُوا هُمْ : إذا صارُوا أَلْفاً ، وكذلِكَ أَمْأَيْتُهُم فأَمْأُوا : إذا صارُوا مِائةً.
وآلَفَتِ الإِبِلُ الرَّمْلَ : جَمَعَتْ بَيْنَ شَجَرٍ وَمَاءٍ ، قال ذُو الرُّمَّةِ :
مِنَ المُؤْلِفَاتِ الرَّمْلِ أَدْمَاءُ حُرَّةٌ |
|
شُعَاعُ الضُّحَى في مَتْنِها يَتَوَضَّحُ |
أي : من الإِبلِ التي أَلِفَت الرَّمْلَ واتَّخَذَتْه مأْلَفاً.
والْمَكَانَ : أَلِفَهُ (١) ، وفي الصِّحاحِ : آلَفَ الدَّرَاهِمَ إِيلَافاً : جَعَلَهَا أَلْفاً أي : كَمَّلَها أَلْفاً فَآلَفَتْ هي صارتْ أَلْفاً وآلَفَ فُلانًا مَكانَ كذا : إذا جَعَلَه يَأْلفُهُ قال الجَوْهَرِيُّ : وَيقال أَيْضاً : آلَفْتُ الْمَوْضِعَ أُوْلِفُهُ إِيلَافا ، وكذلِكَ آلَفْتُ الْمَوْضِعَ أُؤَالِفُهُ مُؤَالَفَةٌ وَإِلَافاً ، فصار صورَةُ أَفْعَلَ وَفَاعَلَ في الْمَاضِي وَاحِدَةً.
والْإيلَافُ في التَّنْزِيلِ العَزِيزِ (٢) : العَهْدُ والذِّمامُ وشِبْهُ الْإِجَازَةِ بالْخفَارَةِ ، وأَوَّلُ مَن أَخَذَهَا هَاشِمُ بنُ عبدِ مَنَافٍ مِن مَلِكِ الشَّأْمِ كما جاءَ في حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رضياللهعنه ، وتَأْوِيلُهُ أنَّ قُرَيْشاً (٣) كانُوا سُكَّانَ الْحَرَمِ ولم يَكُنْ لهم زَرْعٌ وَلا ضَرْعٌ آمِنِينَ في امْتَيارِهِمْ (٤) ، وتَنَقُّلاتِهِمْ شِتَاءً وَصَيْفاً ، والنَّاسُ يُتُخَطَّفُونَ مِن حَوْلِهِمْ ، فَإِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَارِضٌ قالُوا : نَحْنُ أَهْلُ حَرِمِ الله ، فلا يَتَعَرَّضُ لَهُم أَحَدٌ كما في العُبَابِ ، ومنه قول أَبِي ذُؤَيْبٍ :
تَوَصَّلَ بِالرُّكْبَانِ حِينًا وَيُؤْلِفُ الْ |
|
جِوَارَ وَيُغْشِيَها الأَمَانَ رِبابُهَا (٥) |
أَو الَّلامُ لِلتَّعَجُّبِ ، أي : اعجبوا لإِيلَافِ قُرَيْشٍ. وقال بعضُهم : مَعْنَاهَا مُتَّصِلٌ بما بعدُ ، المَعْنَى فَلْيَعْبُدْ هؤُلَاءِ رَبَّ هذا البيتِ لإِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشَّتَاءِ وَالصَّيْفِ لِلامْتِيَارِ ، وقال بعضُهُم : هي مَوصُولَةٌ بما قَبْلَها ، المعنى (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ... لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ، وهذا القَوْلُ الأَخِيرُ ذَكَره الجَوْهَرِيُّ ، ونَصُّهُ يقول : أَهْلَكْتُ أَصْحابَ الفِيل لِأُولِفَ قُرَيْشاً مَكَّةَ ، ولِتُؤْلِفَ قُرَيْشٌ رِحْلَتَيْهَا (٦) ، أي تَجْمَعَ بينهما ، إذا فَرَغُوا مِن ذِهِ أَخَذُوا في ذِهِ ، كما تقولُ : ضَرَبْتُهُ لِكَذَا لِكَذَا ، بحَذْفِ الواو انتهى.
وَقال ابنُ عَرَفَةَ : هذا قَوْلٌ لا وَجْهَ له مِن وَجْهَيْنِ ؛ أَحَدُهِما : أنَّ بينَ السُّورَتَيْنِ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وَذلِكَ دليلٌ علَى انْقِضَاءِ السُّورةِ ، وافْتِتَاحِ الأُخْرَى.
وَالآخَرُ : أنَّ الإِيلافَ إِنَّمَا هو العُهُودُ التي كانُوا يَأْخُذُونَها إذا خَرَجُوا في التِّجَارَاتِ ، فيَأْمَنُونَ بها.
وَقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ : أَصْحابُ الإِيلَافِ أربعةُ إِخْوَةٍ : هاشِمٌ ، وعبدُ شَمْسٍ ، والمُطَّلِبُ ، ونَوْفَلٌ ، بنو عَبْدِ مَنافٍ ، وَكانو يُؤَلِّفُونَ الجِوَارَ ، يُتْبِعُونَ بَعْضَهُ بَعْضاً ، يُجِيرُونَ قُرَيْشاً بِمِيرِهِمْ ، وكانوا يُسَمَّوْنَ الْمُجِيرِين ، وكان هَاشِمٌ يُؤَلِّفُ إلى الشَّأْمِ ، وعَبْدُ شَمْسٍ يُؤَلِّفُ إلى الْحَبَشَةِ ، والمُطَّلِبُ يُؤَلِّفُ إلى الْيَمَنِ ، ونَوْفَلٌ يُؤَلِّفُ إلى فَارِسَ ، قال : وكان تُجَّارُ قُرَيْشٍ يختَلِفُونَ إلى هذِه الأَمْصَارِ بِحِبَالِ هذِه كذا في النُّسَخِ ، والأَوْلَى هؤُلاءِ الْإِخْوَةِ الأَرْبَعَةِ فلا يُتَعَرَّضُ لهم ، وَكان كُلُّ أَخٍ منْهُم أَخَذَ حَبْلاً مِن مَلِكِ نَاحِيَةِ سَفَرِهِ أَمَانًا لَهُ فأَمَّا هاشِمٌ فإِنَّهُ أَخَذَ حَبْلاً مِن مَلِكِ الرُّومِ ، وأَما عبدُ شَمْسٍ فإِنَّه أَخَذَ حَبْلاً مِن النَّجَاشِيِّ ، وأَمَّا المُطَّلِبُ فإِنَّهُ أَخَذَ حَبْلاً مِن أَقْيَالِ (٧) حِمْيَرَ ، وأَمَّا نَوْفَلٌ فإِنَّهُ أَخَذَ حَبْلاً مِن كِسْرَى ، كُلُّ ذلِكَ قَوْلُ ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَقال أَبو إِسحاق الزَّجَّاج : في (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ثلاثةُ أَوْجُه : لِئيلَافِ ولإِلَافِ ووَجْهٌ ثالِثٌ : لإِلْفِ قُرَيْشٍ ، قال : وقد قُرِىءَ بالوَجْهَيْنِ الأَوَّلَيْنِ.
قلتُ : والوَجْهُ الثالثُ تقدَّم أَنَّهُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم.
وَقال ابنُ الأَنْبَارِيِّ : مَنْ قَرَأَ لإلافِهِمْ وإِلْفِهم فهُمَا مِن أَلِفَ يَأْلَفُ ، ومَن قَرَأَ لإِيلَافِهِمْ فهو مِن آلَفَ يُؤْلِفُ ،
__________________
(١) سقطت من الأصل وزدناها عن القاموس.
(٢) يعني قوله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ).
(٣) في القاموس المطبوع نسخة مصر وط الرسالة بيروت : «وتأويله أنهم كانوا».
(٤) في القاموس ط مؤسسة الرسالة بيروت : امتيازهم خطأ.
(٥) ديوان الهذليين ١ / ٧٣ برواية «وتؤلف» وبالأصل : «زمامها» والمثبت «ربابها» عن الديوان. ويروى : ويعطيها بدل وَيغشيها.
(٦) ونقله صاحب التهذيب أيضاً.
(٧) في التهذيب وَاللسان : ملوك حمير.