وناقَةٌ كَنُوفٌ : تَسِيرُ هكَذا في النُّسَخِ ، وهو غَلَطٌ ، صوابُه : تَسْتَتِرُ في كَنَفَةِ الإِبلِ من البَرْدِ إذا أَصابَها.
أَو هِي التي تَعْتَزِلُها ناحِيةً ، تستَقْبِلُ الرِّيحَ لصِحَّتِها.
وقال أَبو عُبَيْدَةَ : ناقَةٌ كَنُوفٌ : تَبْرُكُ في كَنَفِها (١) مِثلُ القَذُورِ ، إِلا أَنَّها لا تَسْتَبْعِدُ كما تَسْتَبْعِدُ القَذُورُ.
وقالَ ابنُ بَرِّي : ناقَةٌ كَنُوفٌ : تَبِيتُ في كَنَفِ الإِبِلِ : أي ناحِيَتِها ، وأَنشَدَ :
إذا اسْتَثارَ كَنُوفاً خِلْتَ ما بَرَكَتْ |
|
عليه تُنْدَفُ في حافاتِه المُطُبُ |
وفي حَدِيثِ النَّخَعِيِّ : «لا تُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ كَنُوفٌ» قال هُشَيْمٌ : الكَنُوفُ من الغَنَمِ : القاصِيَةُ الّتِي لا تَمْشِي معَ الغَنَمِ.
قال إِبراهيمُ الحَرْبِيُّ ـ رَحِمَه الله تَعالى ـ : لا أَدْرِي لِم لا تُؤخَذُ في الصَّدَقَةِ؟ هل لاعْتِزالِها عن الغَنَمِ التي يَأْخُذُ منها المُصَدِّقُ وإِتْعابِها إِيّاه؟ قال : وأَظُنُّه أَرادَ أَن يَقُولَ : الكَشُوف ، فقَالَ : الكَنُوف ، والكَشُوفُ (٢) : التي ضَربَها الفَحْلُ وهي حامِلٌ فنَهَى عن أَخْذِها ؛ لأَنَّها حامِلٌ ، وإِلَّا فلا أَدْرِي ، هكَذا هو نَصُّ العُبابِ ، فتَأَمَّلْ عِبارةَ المُصَنّفِ كيفَ فَسَّرَ الكَنُوفَ بما هُوَ تفسيرٌ للكَشُوفِ.
ويُقال : انْهَزَمُوا فما كانَتْ لَهُم كانِفَةٌ دُونَ المَنْزِلِ أَو العَسْكَرِ : أي مَوْضِعٌ يَلْجَؤُون إِليه ، ولم يُفَسِّرْه ابنُ الأَعرابِيِّ ، وفي التَّهْذِيبِ : فما كانَ لهُم كانِفَةٌ دونَ العَسْكَر : أي : حاجِزٌ يَحْجُزُ العَدُوَّ عَنْهُم.
وَيُدْعَى على الإِنْسانِ فيُقال : لا تَكْنُفُه من الله كانِفَةٌ : أي لا تَحْفَظُه ، وقالَ اللَّيْثُ : يُقالُ للإِنْسانِ المَخْذُولِ : لا تَكْنُفُه من الله كانِفَةٌ : أي لا تَحجُزُه ، وفي حَدِيثِ عليٍّ رضياللهعنه : «ولا يَكُنْ للمُسْلِمِين كانِفَةٌ» أي : ساتِرَةٌ ، والهاءُ للمُبالَغَةِ.
والكِنْفُ ، بالكَسْرِ : الزَّنْفَلِيجَةُ ، وهي : وِعاءٌ طَوِيلٌ تَكُونُ فيه أَدَاة الرَّاعِي ومَتاعُه. أَو هو وِعاءُ أَسْقاطِ التّاجِرِ ومَتاعِه وفي الحَدِيثِ : «أَنّ عُمَرَ أَلْبَسَ عِياضاً ـ رضياللهعنهما ـ مِدْرَعَةَ صُوفٍ ، وَدَفَع إِلَيْهِ كِنْف الرّاعِي» قال اللِّحْيانِيُّ : هو مِثْلُ العَيْبَة ، يُقال : جاءَ فلانٌ بكِنْفٍ فيه مَتاعٌ. وإِنَّما سُمِّي به لأَنَّه يَكْنُف ما جُعِلَ فيه ، أي : يَحْفَظُه.
والكُنْفُ بالضمِّ : جَمْعُ الكَنُوفِ من النُّوقِ قد تقَدّمَ تفسيرُه.
وأَيضاً : جَمْعُ الكَنِيفِ ، كأَمِيرٍ ، وهو بمعنَى السُّتْرَة وبه فُسِّرَ حَدِيثُ أَبي بَكْرٍ رضياللهعنه : «أَنّه أَشْرَفَ من كَنِيفٍ» أي : مِن سُتْرَةٍ ، كما في العُبابِ (٣) ، وأَهْلُ العِراقِ يُسَمُّون ما أَشْرَعُوا من أَعالِي دُورِهِم كَنِيفاً.
والكَنِيفُ أَيضاً : السّاتِرُ قال لَبِيدٌ :
حَرِيماً حِينَ لمْ يَمْنَعْ حَرِيماً |
|
سُيُوفُهمُ ولا الحَجَفُ الكَنِيفُ(٤) |
والكَنِيفُ أَيضاً : التُّرْسُ لِسَتْرِه ، ويوصفُ به ، فيُقال : تُرْسٌ كنِيفٌ ، كما هُو في قَوْلِ لَبيدٍ.
ومنه سُمِّيَ المِرْحاضُ كَنِيفاً ، وهو الَّذِي تُقْضَى فيه حاجَةُ الإِنسانِ ، كأَنّه كُنِفَ في أَسْتَرِ النَّواحِي.
والكَنِيفُ : حَظِيرَةٌ من شَجَر أَو خَشَبٍ تُتَّخَذُ للإِبِلِ زادَ الأَزْهَرِيُّ : وللغَنَمِ ، تَقِيها الرِّيحَ والبَرْدَ ، سُمِّيَ بذلِكَ لأَنّه يَكْنُفُها ، أي : يَسْتُرُها ويَقِيها ، ومنه قولِ كَعْبِ بن مالِكٍ ـ رضياللهعنه ـ :
تَبِيتُ بَيْنَ الزَّرْبِ والكَنِيفِ
وَشاهِدُ الجَمْع :
لمّا تآزَيْنَا إلى دِفءِ الكُنُفْ
والكَنِيفُ : النَّخْلُ يُقْطَعُ فيَنْبُتُ نحوَ الذِّراعِ ، وتُشَبَّهُ به اللِّحْيَةُ السَّوْداءُ فيقالُ : كأَنّما لِحْيَتُه الكَنِيفُ.
وكُنَيْفٌ كزُبَيْرٍ : عَلَمٌ ، ككانِفٍ كصاحِبٍ.
ومن المَجازِ : كُنَيْفٌ : لَقَبُ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ ، لَقَّبَه عُمَرُ رضياللهعنهما ، فقَالَ : «كُنَيْفٌ مُلِىءَ عِلْماً» وهذا هو
__________________
(١) في اللسان : «في كنفة الإبل» وكنفة الإبل : ناحيتها.
(٢) بالأصل «والكنوف» والتصويب عن المطبوعة الكويتية. وانظر ما ورد بحاشيتها.
(٣) ومثله في النهاية واللسان.
(٤) ذيل ديوانه ط بيروت ص ٢٢٧.