إِذا جُمادَى مَنَعَتْ قَطْرَها |
|
زان جَنابِي عَطَنٌ مَعْصِفُ |
هكذا رواه اللِّحيانِيُّ ، ويُرْوَى مُغْضِف ، بالضادِ المعجمَةِ ، ونسبَ الجَوْهَريُّ هذا البيتَ لأَبِي قَيْسِ بنِ الأَسْلَتِ ، قال ابنُ بَرِّيّ : هو لأَحَيْحَةَ بْنِ الجُلاحِ.
وقال الحَسَنُ في قوله تَعالَى : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ) مَأْكُولٍ (١) قال : أي ، كَزَرْعٍ قَدْ أُكِلَ حَبُّه ، وبَقِيَ تِبْنُه وَأَنْشَد المُبَرِّدُ :
فصُيِّرُوا مِثْلَ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
أَراد مثلَ عَصْفٍ مَأْكُولٍ ، فزادَ الكافُ للتَّأْكِيد أَوْ أَنّه يحتَمِلُ معْنَيَيْنِ ، أَحَدُهُما : أَنَّه جَعلَ أَصحاب الفِيلِ كوَرَقٍ أُخِذَ ما كانَ فيهِ (٢) ، وبَقِيَ هو لا حَبَّ فيهِ ، أَو أَنَّه جَعَلَهم كوَرَقٍ أَكَلَتْهُ البَهائِمُ ورُوِيَ عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ أَنّه قالَ في قَوْلِه تَعالى : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال : هو الهَبُّورُ ، وهو الشَّعِيرُ النابِتُ بالنَّبَطِيَّةِ.
وعَصَفَه يَعْصِفُه عَصْفاً : صَرَمَه من أَقْصابِه.
أَو جَزَّهُ قَبلَ أَن يُدْرِكَ أي : جَزَّ وَرَقَهُ الذي يَمِيلُ في أَسْفَلِه ؛ ليكونَ أَخَفَّ للزَّرْعِ ، فإنْ لم يَفْعَلْ مالَ بالزَّرْعِ.
والعُصافَةُ ، ككُناسَةٍ : ما سَقَطَ [مِنَ السُّنْبُلِ]* من التِّبْنِ وَنحوِه ، نقله الجوهرِيُّ.
[وككَنِيسَةٍ : الوَرَقُ المُجْتَمِعُ الذي ليسَ فيه السُنْبُلُ] (٣).
وَقِيل : هو الوَرقُ الذي يَنْفَتِحُ عن الثَّمَرةِ.
وَقِيلَ : هو رُؤُوسُ سُنْبُلِ الحِنْطَةِ ، قال عَلْقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ :
تَسْقِي مَذانِبَ قَدْ زالَتْ عَصِيفَتُها |
|
حُدُودُها من أَتِيِّ الماءِ مَطْمُومُ (٤) |
ويَقُولون : سَهْمٌ عاصِفٌ : أي مائِلٌ عن الغَرَضِ وَكذلك سِهامٌ عُصَّفٌ ، وهو مجازٌ. وكُلُّ مائِلٍ : عاصِفٌ قاله المُفَضَّلُ وأَنشد لكُثَيِّرٍ :
فَمَرَّتْ بِلَيْلٍ وهي شَدْفاءُ عاصِفٌ |
|
بمُنْخَرَقِ الدَّوْداةِ مَرَّ الخَفَيْدَدِ |
وعَصَفت الرِّيحُ تَعْصِفُ عَصْفاً ، وعُصُوفاً : اشْتَدَّتْ ، فهي ريحٌ عاصِفَةٌ ، وعاصِفٌ ، وعَصُوفٌ واقتصر الجَوهرِيُّ على الأَخِيرَيْنِ ، من رياحٍ عواصِفَ ، قال الله تَعالَى : فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٥) يعنِي الريّاحَ تَعْصِفُ ما مَرَّتْ عَلَيه من جَوَلانِ التُّرابِ تَمْضِي به ، وقد قِيلَ : إنَّ العَصْفَ ـ الْذِي هُوَ التِّبْنُ ـ مُشْتَقٌّ منه ؛ لأَنَّ الرِّيحَ تَعْصِفُ به ، قال ابنُ سِيدَه : وهذا ليس بقَوِيٍّ ، وفي الحَدِيث : «كانَ إذا عَصَفَت الرِّيحُ» أي : إذا اشْتَدَّ هُبُوبُها.
قال الجوهريُّ : وفي لُغَةِ بني أَسَدٍ : أَعْصَفَت الرِّيحُ فهي مُعْصِفٌ ، ومُعْصِفَةٌ زادَ غيرُه : من رِياحٍ مَعاصِفَ وَمَعاصِيفَ : إذا اشْتَدّتْ.
وقولُه تَعالى : (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (٦) أي : تعْصِفُ فيهِ الرِّيحُ وهو فاعِلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ مثلُ قولهم : لَيْلٌ نائِمٌ ، وهَمٌّ ناصِبٌ ، كما في الصِّحاح ، وقال الفَرّاءُ : إنَّ العُصُوفَ للرِّياحِ ، وإِنَّما جعله تابِعاً لليومِ على جِهَتَيْنِ : إِحْداهُما : أَن العُصُوفَ وإِن كان للرِّيحِ فإِنَّ اليومَ يُوصَفُ به ؛ لأَنَّ الريحَ تكونُ فيه ، فجازَ أَن يُقال : يومٌ عاصِفٌ ، كما يُقالُ : يومٌ حارٌّ ، ويومٌ بارِدٌ ، والحَرُّ وَالبَرْدُ فيهما ، والوَجْهُ الآخرُ : أَنْ يُقال : أَراد في يوْمٍ عاصِفِ الرِّيحِ [فتحْذِف الرِّيحَ] (٧) لأَنها [قد] (٧) ذُكِرتْ في أَوَّلِ الكَلِمة.
وعَصفَ عِيالَه يعْصِفُهم عصْفاً : كسَبَ لَهُم نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ، زاد غَيْرُه : وطَلَب واحْتالَ ، وقِيل : العَصْفُ : هو الكَسْبُ لأَهلِه ، ومنه قَوْلُ العَجّاجِ :
قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي |
|
بغَيْرِ ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ |
ومن المَجازِ : ناقَةٌ عَصُوفٌ ، ونَعَامَةُ عَصُوفٌ : أي سَرِيعَةٌ تَعْصِفُ براكِبِها فتَمْضِي بِهِ ، قالَه شَمِرٌ ، ونقَلَه
__________________
(١) سورة الفيل الآية ٥.
(٢) يعني من الحب ، كما في التهذيب.
(*) ساقطة من الكويتية.
(٣) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وقد نبه عَلَيه بهامش المطبوعة المصرية ، بعد لفظة «من التبن» وقد استدركناه عن القَاموس ، وهنا موقعه.
(٤) ويروى : قد مالت عصيفتها.
(٥) سورة المرسلات الآية ٢.
(٦) سورة إبراهيم الآية ١٨.
(٧) زيادة عن التهذيب.