قال : ويَدُلُّكَ على كَوْنِها مَعْرِفَةً أَنّكَ لا تُدْخِلُ فيها أَلفاً وَلاماً ، وإِنما عَرفاتٌ بمَنْزِلَةِ أَبانَيْنِ ، وبمنزلةِ جَمْعٍ ، ولو كانت عَرَفاتٌ نَكِرَةً لكانَتْ إِذَنْ عَرَفاتٌ في غيرِ مَوْضِعٍ ، وَقال الأَخْفَشُ : وإِنّما صُرِفَتْ عَرَفاتٌ لأَنَّ التاءَ بمَنْزلَةِ الياءِ وَالواوِ في مُسْلِمينَ ومُسْلِمُون لأَنّه تَذْكِيرُه ، وصار التَّنْوِينُ بمنزلةِ النّونِ ، فلمّا سُمِّيَ به تُرِكَ على حالِه ، كما يُتْرَكُ مُسْلِمُون إذا سُمِّيَ به على حالِه ، وكذلِك القولُ في أَذْرِعاتٍ ، وعاناتٍ ، وعُرَيْتِناتٍ ، كما في الصِّحاحِ.
والنِّسْبَةُ عَرَفيٌّ محَرَّكَةً.
وزَنْفَلُ بنُ شَدّادٍ العَرَفيُّ من أَتْباعِ التّابِعِينَ ، رَوَى عن ابنِ أَبِي مُلَيْكَةَ سَكَنَها فَنُسِب إِليها ذَكَرَهُ الصّاغانِيُّ والحافِظُ.
قال الجَوْهَرِيُّ : وقَوْلُهمُ : نَزَلْنا عَرَفَةَ شَبِيهُ مُوَلَّدٍ وليسَ بعرِبِيٍّ مَحْضٍ (١).
والعارِفُ ، والعَرُوفُ : الصَّبُورُ يُقال : أُصِيبَ فُلانٌ فوُجِدَ عارِفاً.
والعارِفَةُ : المَعْرُوفُ ، كالعُرْفِ بالضّمِّ ، يُقال : أَوْلاهُ عارِفَةً : أي مَعْرُوفاً ، كما في الصِّحاحِ ج : عَوارِفُ ومنه سَمَّى السُّهْرَوَرْدِيُّ كتابه «عَوارِفَ المعارِفِ».
والعَرّافُ كشَدّادٍ : الكاهِنُ.
أَوالطَّبِيبُ كما هو نَصُّ الصِّحاح.
وَمن الأَوّل الحَدِيثُ : «من أَتَى عَرّافاً فَسأَلَه عَنْ شَيْءٍ لم يُقْبَلْ مِنْهُ صلاةٌ أَرْبَعينَ لَيْلَةً».
وَمن الثّانِي قولُ عُرْوَةَ بنِ حِزامٍ العُذْرِيِّ :
وَقُلْتُ لعَرّافِ اليَمامَةِ داوِنِي |
|
فإِنَّكَ إِنْ أَبْرَأْتَنِي لطَبِيبُ |
فما بِيَ مِنْ سُقْمٍ ولا طَيْفِ جِنَّةٍ |
|
وَلكنَّ عَمِّي الحِمْيَرِيَّ كَذُوبُ |
هكذا فَصَّلَه الصّاغانِيُّ ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ : «من أَتَى عَرّافاً أو كاهِنًا فقَدْ كَفَرَ بما أُنْزِلَ على مُحَمّدٍ رسولِ الله صلىاللهعليهوسلم» قال ابن الأثِيرِ : العَرّافُ : المنَجِّمُ ، أَو الحازِي الذي يَدَّعِي عِلْمَ الغَيْبِ الذي (٢) استَأْثرَ الله بعِلْمِه ، وَقالَ الرّاغِبُ : العَرّافُ : كالكاهِنِ ، إلّا أنَّ العَرّاف يُخَصُّ بمَنْ يُخْبِرُ بالأَحْوالِ المُسْتَقْبَلَةِ ، والكاهِنُ يخبِرُ بالأَحْوالِ (٣) الماضِيَةِ.
وعَرّافٌ : اسمٌ.
وقال اللَّيْثُ : يُقالُ : أَمْرٌ عارِفٌ : أي مَعْرُوفٌ فهو فاعِلٌ بمعْنى مَفْعُولٍ ، وأَنْكَره الأَزْهَريُّ ، وقال : لم أَسْمَعْهُ لغيرِ اللَّيْثِ ، والّذِي حَصَّلْناه للأَئِمَّةِ : رَجُلٌ عارِفٌ : أي صَبُورٌ ، قاله أَبو عُبَيْدَةَ (٤) وغيرُه.
وقال ابنُ الأَعرابيِّ : عَرِفَ الرَّجُلُ ، كسَمِعَ : إذا أَكْثَرَ من الطِّيبِ.
والعُرْفُ ، بالضمِّ : الجُودُ.
وقِيلَ : هو اسْمُ ما تَبْذُلُه وتُعْطِيه.
والعُرْفُ : مَوْجُ البَحْرِ وهو مجازٌ.
والعُرْفُ : ضِدُّ النُّكْرِ وهذا قد تَقَدَّم له ، فهو تَكْرارٌ ، وَمنه قَوْلُ النّابِغَةِ الذَّبْيانِيِّ ـ يَعْتَذِرُ إلى النُّعْمانِ بْنِ المُنْذِرِ ـ :
إلى الله (٥) إِلا عَدْله ووَفَاءَه |
|
فلا النُّكْرُ مَعْرُوفٌ ، ولا العُرْفُ ضائِعُ |
والعُرْفُ : اسمٌ من الاعْتِرافِ الّذِي هو بمَعْنَى الإقْرارِ ، تَقُول : لَهُ عليَّ أَلْفٌ عُرْفاً : أي اعْتِرافاً وهو تَوْكِيدٌ ، نقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
والعُرْفُ : شَعَرُ عُنُقِ الفَرَسِ وقِيل : هو مَنْبِتُ الشَّعَرِ وَالرِّيشِ من العُنُقِ ، واسْتَعْمَلَه الأَصْمَعِيُّ في الإِنْسانِ ، فقَالَ : جاءَ فلانٌ مُبْرَئِلًّا للشَّرِّ : أي نافِشاً عُرْفَه ، جَمْعُه أَعْرافٌ وعُرُوفٌ ، قال امْرُؤُ القَيْسِ :
نَمُشُّ بأَعْرافِ الجِيادِ أَكُفَّنَا |
|
إذا نَحْنُ قُمْنا عَنْ شِواءِ مُضَهَّبِ |
__________________
(١) قال ياقوت : وعرفة وعرفات واحد عند أكثر أهل العلم وليس كما قال بعضهم إن عرفة مولّد. وبهامش الصحاح المطبوع قال مصححه : إذا أراد عرفة اسم الموضع فوهم فقد جاء في الحديث الشريف «الحج عرفة» و «عرفة كلها موقف» وإذا أراد التعبير فالتعبير صحيح.
(٢) عن النهاية وبالأصل «أي».
(٣) في المفردات : عن الأحوال.
(٤) الأصل واللسان وفي التهذيب : أبو عبيد.
(٥) في الديوان صنعة ابن السكيت ٥٣ : أبي اللهُ.