الثاني : أنَّ كَلامَه نَصٌّ في أنَّ مُضَارِعَ سَلَفَ بالضَّمِّ ، كيَكْتُب ، علَى ما هو اصْطِلاحُه ، لأنَّه ذكَره بغيرِ مُضَارِعٍ ، وَفي غَرِيبَيِ الهَرَوِيِّ كالصِّحاحِ ، يقْتَضِي أنَّ مُضَارِعَه بالكَسْرِ ، كما هو الجَارِي على الأَلْسِنَةِ ، وصَرَّح به في المِصْبَاحِ ، وكلامُ ابنِ القَطَّاعِ صَرِيحٌ في الوَجْهَيْن ، وهو الظَّاهِرُ ، ـ واقتَصَرَ كابْنِ القُوطِيَّةِ ـ علَى تَفْسِيرِهِ بتَقَدَّمَ ، فَتَأَمَّلْ.
وسَلَفَ الْمَزَادَةَ ، سَلَفاً : دَهَنَهَا.
والسَّلَفُ ، مُحَرَّكَةً ، له مَعَانٍ ، منها : السَّلَمُ ، وَهو أَنْ يُعْطِيَ مَالاً في سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ، بزِيادَةٍ في السَّعْرِ المَوْجُودِ عِنْدَ السَّلَفِ ، وذلك مَنْفَعَةٌ للمُسْلِفِ ، وهو اسْمٌ مِن الإِسْلَافِ ، وَقال الْأَزْهَرِيُّ : وكُلُّ مَالٍ قَدَّمْتَه في ثَمَن سِلْعَةٍ مَضْمُونةٍ اشْتَرَيْتَها لِصِفَةٍ ، فهو سَلَمٌ ، وسَلَفٌ.
ومنها ؛ السَّلَفُ : الْقَرْضُ الذي لَا منْفَعَةَ فيه لِلْمُقْرِضِ ، غيرَ الأَجْرِ والشُّكْرِ ، وعلَى الْمُقْتَرِضِ (١) رَدُّهُ كَمَا أَخَذَهُ ، هكذا تُسَمِّيه العَرَبُ ، وهو أَيضاً علَى هذا التَّقْدِيرِ : اسْمٌ مِن الإِسْلافِ ، كما قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ الهَرَوِيُّ ، وهذان في المُعَامَلاتِ.
قال : وللسَّلَفِ مَعْنَيان آخَرانِ ، أَحدُهما : كُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتَهُ ، أو فَرَطٍ فَرَطَ لَكَ فهو لَكَ سَلَفٌ ، وقد سَلَفَ لهُ عَمَلٌ صَالِحٌ.
والثانِي : كُلُّ مَن تَقَدَّمَكَ مِن آبَائِكَ ، وذَوِي قَرَابَتِكِ ، الذين هم فَوْقَكَ في السِّنِّ والفَضْلِ ، واحِدُهُم سَالِفٌ ، ومنه قَوْلُ طُفَيْلٍ الغَنَوِيٍّ ، يَرْثِي قَوْمَهُ :
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السَّبِيلِ عَلَيْهِمُ |
|
وَصَرْفُ الْمَنَايَا بالرِّجَالِ تَقَلَّبُ |
أَرادَ أَنَّهُم تَقَدَّمُونا ، وقَصْدُ سَبِيلِنا عليهم ، أي : نَمُوتُ كما مَاتُوا ، فنَكُون سَلَفاً لِمَن بَعْدَنَا ، كما كانُوا سَلَفاً لنا.
وَمنه حديثُ الدُّعَاءِ للمَيِّتِ : «وَاجْعَلْهُ سَلَفاً لنا» ، ولهذا سُمِّيَ الصَّدْرُ الأَوَّلُ مِن التَّابِعِينِ السَّلَفَ الصَّالِحَ ، ومنه حديثُ مَذْحِجٍ : «نَحْنُ عُبَابُ سَلَفِهَا». ج : سُلَّافٌ ، وأَسْلَافٌ كما في الصِّحاحِ ، قال ابنُ بَرِّيّ : ليس سُلَّافٌ جَمْعُ سَلَفٍ ، وإِنَّمَا هو جَمْعُ سَالِفٍ ، لِلْمُتَقَدِّمِ ، وجَمْعُ سَالِفٍ أَيضاً : سَلَفٌ ، ومِثْلُه : خَالِفٌ ، وَخَلَفٌ.
ومنه أَبو بكر عبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ الله بنِ أَحمدَ السَّرْخَسِيُ السَّلَفيُّ ، المُحَدِّثُ سَمِعَ أَبا الفِتْيَانِ الرَّوَّاسِيَّ ، وآخَرُونَ مَنْسُوبُونَ إِلَى السَّلَفِ ، أي : بالتَّحْرِيكِ.
ودَرْبُ السِّلْفيِّ ، بِالْكَسْرِ : بِبَغْدَادَ ، سَكَنَهُ إِسْمَاعِيلُ بنُ عَبَّادٍ السِّلْفيُّ. الْمُحَدِّثُ ، هكذا في سائِرِ النسَخِ ، وهو تَصحِيفٌ ، والصَّوابُ : دَرْبُ السِّلْقِيِّ ، بالقَافِ (٢) ، مِن قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ ، كما ذكَره الخَطِيبُ في تارِيخِه ، وضَبَطَهُ ، ومِثْلُه للحَافِظِ في التَّبْصِيرِ ، والمذكورُ رَوَى عن عَبَّادٍ الرَّوَاجِنِيِّ (٣) ، وَتُوُفِّيَ سنة ٣٢٠ ، فتَنَبَّهْ لذلك.
وأَرْضٌ سَلِفَةٌ ، كَفَرِحَةٍ : قَلِيلَةُ الشَّجَرِ ، قَالَهُ أَبو عمرٍو.
والسَّلْفُ ، بِالْفَتْحِ : الْجرَابُ مَا كَانَ ، أو الضَّخْمُ منه ، كما في الصِّحاحِ ، أَو هو : أَدِيمٌ لم يُحْكَمْ دَبْغُهُ ، كأَنَّه الذي أَصابَ أَوَّلَ الدِّبَاغِ ، ولم يَبْلُغْ آخِرَهُ ، ومنهالحَدِيثُ : «وما لَنَا زَادٌ إِلَّا السَّلْفُ مِن التَّمْرِ» وقال بعضُ الهُذَلِيِّينَ :
أَخَذْتُ لَهُمْ سَلْفَيْ حَتِيٍّ وبُرْنُساً |
|
وَسَحْقَ سَرَاوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ (٤) |
أَرادَ : جِرَابَيْ حَتِيّ ، وهُوَ سَوِيقُ المُقْلِ ، ج : أَسْلُفٌ ، وَسُلُوفٌ.
والسُّلْفَةُ ، بِالضَّمِّ. اللُّمْجَةُ ، وَهو ما يَتَعَجَّلُهُ الإِنْسَانُ مِن الطَّعَامِ قَبْلَ الغدَاءِ ، كاللهْنَةِ.
[وجِلْدٌ رَقِيقٌ يُجْعَلُ بِطَانَةً للْخِفَافِ] (٥).
والسُّلْفَةُ : الْكُرْدَةُ الْمُسَوَّاةُ مِن الْأَرْضِ ، ج : سُلَفٌ ، هكذا رَوَاهُ المُنْذِرِيُّ عن الحَسَن المُؤَدِّبِ ، وبه فُسِّر قولُ سَعْدِ الْقَرْقَرة :
__________________
(١) في التهذيب : المُقرَض.
(٢) في معجم البلدان : دربُ السِّلْقِ.
(٣) الأصل واللباب ، وتصحّف في معجم البلدان «الدواجني» بالدال.
(٤) بالأصل «سلفا حتى» والمثبت عن التهذيب. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : سلفا ، كذا في النسخ بالألف ومثله في اللسان» ، وقد صححها مصحح طبعة دار المعارف.
(٥) ما بين معقوفتين سقط من الأصل واستدرك عن القاموس.