وإِسْرَافِيلُ : لُغَةٌ في إِسْرَافِينَ ، أَعْجَمِيٌّ ، كأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى إِيلَ ، الأَخِيرةُ نَقَلَهَا الأَخْفَشُ ، قال : كما قالُوا : جِبْرِينَ وَإسْمَاعِينَ ، وإِسْرَائِينَ.
والإِسْرَافُ في النَّفَقَةِ : التَّبْذِيرُ ، وَمُجَاوَزَةُ القَصْدِ ، وقيل : أَكْلُ ما لا يَحِلُّ أَكْلُهُ ، وبه فُسِّرَ قولُه تعالَى : (وَلا تُسْرِفُوا) (١) وَقيل : الإِسْرَافُ : وَضْعُ الشَّيْءِ في غيرِ مَوْضِعِهِ ، أَو هو مَا أُنْفِقَ في غَيْرِ طَاعَةِ الله عَزَّ وجَلَّ ، وهو قَوْلُ سُفْيَانَ ، زاد غيرُه : قليلاً كانَ أو كثيرًا ، كالسَّرَفِ ، مُحَرَّكَةً ، وقال إِياسُ بنُ مُعَاوِيَةَ : الإِسْرَافُ : ما قُصِّرَ به عَن حَقِّ الله.
وَاخْتُلِفَ في قَوْلِه تعالَى : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) (٢) ، فقَالَ الزَّجاجُ : قيل : هو أَن يَقْتُلَ غيرَ قَاتِلِ صَاحبِه ، وقيل : أَن يَقْتُلَ هو القاتلَ دونَ السُّلْطَانِ ، وقيل : هو أَنْ لا يَرْضَى بقَتْل واحدٍ حتى يَقْتُلَ جَمَاعَةً ، لِشَرَفِ المَقْتُولِ ، وخَسَاسَةِ القاتلِ ، أو أَنْ يَقْتُلَ أَشْرَفَ مِن القَاتلِ ، قال المُفَسِّرُونَ : لا يَقْتُلُ غيرَ قَاتلِه ، وإذا قَتَلَ غَيْرَ قاتِله فقد أَسْرَفَ.
ومُسْرِفٌ ، كمُحْسِنٍ : لَقَبُ مُسْلِمِ بنِ عُقْبَةَ المُرِّيِّ ، صَاحِبِ وَقْعَةِ الحَرَّةِ ، بظَاهِرِ المدينَةِ ، علَى سَاكِنها أَفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ ، وعلَى مُسْرِفٍ ما يَسْتَحِقُّ ، لأَنَّهُ قد أَسْرَفَ فيها ، علَى ما ذَكَرَه أَرْبَابُ السِّيَرِ ، بما في سَمَاعِه ونَقْلِه شَنَاعَةٌ ، وفيه يقولُ عليُّ بنُ عبدِ الله بنِ عَبَّاسٍ :
وَهُم مَنَعُوا ذِمَارِي يَوْمَ جَاءَتْ |
|
كَتَائِبُ مُسْرِفٍ وبَنُو اللَّكِيعَهْ |
وَقد تقدَّم في «ل ك ع».
وسِيرَافُ (٣) ، كَشِيرَازَ : د بِفَارِسَ ، على ساحِلِ البحرِ ، مِمَّا يَلِي كَرْمَانَ ، أَعْظَمُ فُرْضَةٍ لهم ، كَانَ بِنَاؤُهُمْ بِالسَّاجِ في تَأَنُّقٍ زَائِدٍ ، وَقد نُسِبَ إِليه جُمْلَةٌ مِن أَهلِ العِلْمِ ، كأَبِي سعيدٍ السِّيرَافيِّ النَّحْوِيِّ اللُّغَويِّ ، وهو الحَسَنُ بن عبدِ الله بنِ المَرْزُبَانِ ، ولد سنة ٢٩٠ ، وتُوُفِّيَ سنة ٣٦٨ ، وله شَرْحٌ عظيمٌ على كتابِ سِيبَوَيْهِ ، يأْتِي النَّقْلُ عنه في هذا الكتابِ كثيرًا ، وولدُه أَبو محمدٍ يُوسُفُ بنُ أَبي سعيدٍ ، فاضِلٌ كأَبِيه ، شَرَحَ أَبْيَاتَ إِصْلاحِ المَنْطِقِ ، وكَمَّلَ كتابَ أَبِيهِ «الإقْنَاعَ» ، تُوُفي سنة ٣٨٥ ، عن خَمْسٍ وخمسينَ سَنَةً.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه :
أَكَلَهُ سَرَفاً وإِسْرَافاً : أي في عَجَلَةٍ.
وَأَسْرَفَ في الكلامِ : أَفْرَطَ.
وَسَرِفْتُ يَمِينَهُ : أي لم أَعْرِفْها ، قال سَاعِدَةُ الهُذَلِيُّ :
حَلِفَ امْرِىءٍ بَرٍّ سَرِفْتِ يَمِينَهُ |
|
وَلِكُلِّ مَا قَال النُّفُوسُ مُجَرَّبُ (٤) |
يقول : ما أَخْفَيْتَ (٥) وأَظْهَرْتَ ، فإِنَّه سيَظْهَر في التَّجْرِبَةِ.
وَالسَّرَفُ ، مُحَرَّكَةً : اللهَجُ بالشَّيْءِ.
وَالإِسْرَافُ أَيضاً : الإِكْثَارُ من الذُّنُوبِ والخَطَايَا ، وَاحْتِقابِ الأَوْزَارِ والآثَامِ.
وَالسَّرِفُ ، ككَتِفٍ : الجاهِلُ ، كالمُسْرِفِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، ورَجُلٌ سَرِفُ العَقْلِ : أي قَلِيلُهُ ، وقيل : فَاسِدُه.
وَالمُسْرِفُ : الكافِرُ ، وبه فُسِّرَ قَوْلُه تعالَى : (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٦).
وَسَرِفَ الطَّعَامُ ، كفَرِحَ : ائْتَكَلَ حتى كأَنَّ السُّرْفَةَ أَصَابَتْه ، وَهو مَجَازٌ.
وَسُرِفَتِ الشَّجَرَةُ ، بالضَّمِّ ، سَرْفاً : إذا وَقَعَتْ فيها السُّرْفَةُ ، فهي مَسْرُوفَةٌ ، عن ابنِ السِّكِّيتِ.
وَشَاةٌ مَسْرُوفَةٌ : مَقْطُوعَةُ الأُذُن أَصْلاً ، كما في اللِّسَانِ ، وَفي الأَساسِ : شَاةٌ مَسْرُوفَةٌ ، اسْتَوْصِلَتْ أُذُنُهَا ، وسُرِفَتْ أُذُنُهَا ، وهو مَجَازٌ.
وَهُوَ مُسْرَفٌ : أَكَلَتْهُ السُّرْفَةُ.
وَجَمْعُ السُّرْفَةِ : سُرَفٌ ، ومن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ : «يَفْعَلُ السَّرَفُ بالنَّشَبِ ، ما يَفْعَلُ السُّرَفُ بالخَشَب».
__________________
(١) سورة الانعام الآية ١٤١.
(٢) سورة الإسراء الآية ٣٣.
(٣) قالوا : أصلها شيرآب ومعناها اسقوني ماء ولبنًا ، لأن شير هو اللبن وَآب هو الماء. ثم عربت فقلبت الشين إلى السين والباء إلى الفاء فقيل سيراف.
(٤) ديوان الهذليين ١ / ١٧١ في شعر ساعدة بن جؤية برواية : ما تبدي.
(٥) عن الديوان والتهذيب وبالأصل «ما أخفيتك».
(٦) سورة غافر الآية ٣٤.