وقَوْلُ مُلَيْحٍ :
وَذُو هَيْدَبٍ يَمْرِي الْغَمَامَ بمُسْدِفٍ |
|
مِنَ البَرْقِ فيه حَنْتَمٌ مُتَبَعِّجُ (١) |
مُسْدِفٌ هنا : يكونُ المُضِيءَ والمُظْلِمَ ، وهو من الأَضْدادِ.
وَفي حديث عَلْقَمَةَ الثَّقَفيِّ : «كان بِلالٌ يَأْتِينَا بالسَّحُورِ وَنَحْنُ مُسْدِفُونَ ، فيَكْشِفُ القُبَّةَ ، فيُسْدِفُ لنا طَعَامَنَا» أي يُضِيءُ ، ومَعْنَى مُسْدِفِين : دَاخِلِينَ في السُّدْفَةِ ، والمُرَادُ المُبَالَغَةُ في تَأْخِيرِ السَّحُورِ.
وَجَمْعُ السُّدْفَةِ : سُدَفٌ ، ومنهقَوْلُ عليٍّ رضياللهعنه : «وكُشِفَتْ عنهم سُدَفُ اللَّيْلِ (٢)» أي : ظُلَمُها.
وَأَسْدَفَتِ المرأَةُ القِنَاعَ : أَرْسلتْهُ ، كما في الصِّحاحِ.
وَسَدَفْتُ الحِجَابَ : أَرْخَيْتُهُ ، وحِجَابٌ مُسْدُوفٌ ، قال الأَعْشَى :
بِحِجَابٍ مِنْ بَيْنِنَا مَسْدُوفِ (٣)
وَيُقَال : وَجَّهَ فُلانٌ سِدَافَتَهُ : إذا تَرَكَهَا وخَرَجَ منها.
وَجَمْعُ السَّدِيفِ : سَدائِفُ ، وسِدَافٌ.
وَسَدَّفَهُ تَسْدِيفاً : قَطَّعَهُ ، قال الفَرَزْدَقُ :
وَكُلَّ قِرَى الْأَضْيافِ نَقْرِي مِنَ الْقَنَا |
|
وَمُعْتَبَطٍ فيه السَّنَامُ الْمُسَدَّفُ(٤) |
وَقد سَمَّوْا : سَدِيفاً ، كَأَمِيرٍ ، ومُسْدِفاً ، كمُحْسِنٍ.
وَيُقَال : رأَيْتُ سَدَفَهُ : شَخْصَهُ مِن بُعْدٍ (٥) ، كرَأَيْتُ سَوَادَهُ ، وَهو مَجَازٌ.
[سرف] : السَّرَفُ ، مُحَرَّكَةً : ضِدُّ الْقَصْدِ ، كما في الصِّحاحِ ، والعُبَابِ ، وفي اللِّسَانِ : مُجَاوَزَةُ القَصْدِ ، وقال غيرُه : هو تَجَاوُزُ ما حُدَّ لك.
والسَّرَفُ أَيضاً : الإِغْفَالُ ، والخَطَأُ ، وَقد سَرِفَهُ ، كَفَرِحَ : أَغْفَلَهُ ، وجَهِلَهُ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ ، قَال : وحَكَى الأَصْمَعِيُّ عن بَعْضِ الأَعْرَابِ ، ووَاعَدَهُ أَصْحابٌ له مِن المَسْجِدِ مَكَانًا فأَخْلَفَهُمْ ، فقِيل له في ذلك ، فقَالَ : مَرَرْتُ بكُمْ فسَرِفْتُكُم ، أي : أَغْفَلْتُكُمْ ، ومنه قَوْلُ جَرِيرٍ ، يَمْدَحُ بني أُمَيَّةَ :
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ |
|
مَا في عَطَائِهِمْ مَنٌّ ولَا سَرَفُ |
أي : إِغْفَالٌ ، ويُقَال ، [ولا] (٦) خَطَأٌ أي لا يُخْطِئُونَ مَوْضِعَ العَطَاءِ بأَن يُعْطُوه مَن لا يَسْتَحِقُّ ، ويَحْرِمُوا المُسْتَحِقَّ.
والسَّرَفُ ، مِن الخَمْرِ : ضَرَاوَتُهَا ، وَمنه حديثُ عَائِشَةَ رضياللهعنها : «إنَّ للَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخَمْرِ» أي : مَن اعْتَادَهُ ضَرِيَ بِأَكْلِهِ ، فأَسْرَفَ فيه ، فِعْلَ المُعَاقِرِ في ضَرَاوَتِهِ بالخَمْرِ ، وقِلَّةِ صَبْرِه عنها ، أو المُرَادُ بالسَّرَفِ : الغَفْلَةُ ، أَو الفَسَادُ الحاصِلُ مِن جِهَةِ غِلْظَةِ القَلْبِ ، وقَسْوَتِهِ ، والجَرَاءَةِ علَى المَعْصِيَةِ ، والانْبِعَاثِ للشَّهْوَةِ ، قال شَمِرٌ : ولم أَسْمَعْ أنَّ أَحَداً ذَهَبَ بالسَّرَفِ إِلَى الضَّرَاوَة ، قال : وكيف يكونُ ذلك تَفْسِيرًا له وهو ضِدُّهُ : والضَّرَاوَةُ للشَّيْءِ : كَثْرَةُ الاعْتِيَادِ له ، والسَّرَفُ بالشَّيْءِ : الجَهْلُ به ، إِلَّا أَن تَصِيرَ الضَّراوَةُ نَفْسُهَا سَرَفاً ، أي : اعْتِيَادُه وكَثْرَةُ أَكْلِهِ سَرَفٌ ، وقيلَ : السَّرفُ في الحديثِ : مِن الإِسْرَافِ في النَّفَقَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ، أو في غيرِ طَاعَةِ الله.
والسَّرَفُ : جَدُّ محمدِ بنِ حاتِمِ بنِ السَّرَفِ ، المُحَدِّثِ ، الأَزْدِيِّ ، عن مُوسَى بن نُصَيْرٍ الرَّازِيِّ ، وعنه عُمَرُ بنُ أَحْمدَ القَصَبَانِيُّ.
وفي الحَدِيثِ : «لا يَنْتَهِبُ الرَّجُلُ نُهْبَةً ذَاتَ سَرَفٍ وهُو مُؤْمِنٌ» أي : ذَاتَ شَرَفٍ ، وقَدْرٍ كَبِيرٍ ، يُنْكِرُ ذلك الناسُ ، وَيَتَشَرَّفُونَ إِليه ، ويَسْتَعْظِمُونَه ، ويُرْوَى (٧) بِالشِّينِ المُعْجَمَةِ أَيضاً ، كما سَيَأْتِي.
وسَرفٌ ، كَكَتِفٍ : ع على عَشْرَةِ أَمْيَالٍ مِن مَكَّةَ ، وقيل : أَقَلّ أو أَكْثَر ، قُرْبَ التَّنْعِيمِ ، تَزَوَّجَ به النبيُّ صلىاللهعليهوسلم مَيْمُونَةَ بنتَ
__________________
(١) شرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٣٠.
(٢) في النهاية واللسان : الرِّيَب.
(٣) تمامه في ديوانه.
وَلقد ساءها البياض فلطت |
|
بحجاب من دوننا مصدوف |
بالصاد ، وهما بمعنى. وقال بعض الرواة : مصدوف : مستور عن التهذيب.
(٤) بالأصل «من الفتى» والمثبت عن اللسان.
(٥) في الأساس : رأيت سدفه أي شخصه من بعيد ، كما تقول : رأيت سواده.
(٦) زيادة عن اللسان.
(٧) في القاموس : ورُوِيَ.