مُسْتَقْبِلِينَ شَمَالَ الشَّأْمِ تَضْرِبُنَا |
|
بِحَاصِبٍ كَنَدِيفِ الْقُطْنِ مَنْثُورِ (١) |
علَى عَمَائِمِنَا تُلْقَى وأَرْحُلُنَا |
|
علَى زَوَاحِفَ نُزْجِيهَا مَحَاسِيرِ |
ومَزَاحِفُ الْحَيَّاثِ : آثارُ انْسِيَابِها ، ومَوَاضِعُ مَدَبِّهَا ، وَمنه قَوْلُ المُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ :
كَأَنَّ مَزاحِفَ الْحَيَّاتِ فِيهِ |
|
قُبَيْلَ الصُّبْحِ آثَارُ السَّيَاطِ (٢) |
وَفي الصحاح : «فيها» ، وهو غَلَطٌ ، فإِنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلى «أَبْيَضَ صَارِم» في البيتِ قَبْلَهُ (٣).
ومن المَجَازِ : خَرَجُوا يَقْرُونَ مَزَاحِفَ السَّحَابِ ، أي : مَصَابَّهُ ، وحَيْثُ وَقَعَ قَطْرُهُ ، وزَحَفَ إِليه ، قال أَبو وَجْزَةَ :
أَخْلَى بِلِينَةَ والرَّنْقَاء مَرْتَعَهُ |
|
يَقْرُو مَزَاحِفَ جَوْنٍ سَاقِطِ الرَّبَبِ |
أَراد : سَاقِطَ الرَّبَابِ ، فقَصَرَهُ.
والْمُزَيْحِفَةُ ، مُصَغَّرًا ة : بِزَبِيدَ ، حَرَسَهَا الله تَعَالَى.
وزُحَيْفٌ ، كَزُبَيْرٍ : جَبَلٌ بَيْنَ ضَرِيَّةَ ومَغِيبِ الشَّمْسِ ، وبِجانِبِهِ بِئْرٌ ، يُقَال لها : بِئْرُ زُحَيْفٍ ، وله يَوْمٌ مَعْلُومٌ ، قالوا :
نَحْنُ صَبَحْنَا قَبْلَ مَن يُصَبِّحُ |
|
يَوْمَ زُحَيْفٍ والأَعَادِي جُنَّحُ |
كَتائِباً فيها بُنُودٌ تَلْمَحُ
ونَارُ الزَّحْفَتَيْنِ : نَارُ الشِّيحِ ، والْأَلَاءِ ، لِأَنَّه يُسْرِعُ الاشْتِعَالُ فِيهِمَا ، فيُزْحَفُ عنهما ، كما في الصِّحاحِ ، وفي المُحْكَمِ : نَارُ الزَّحْفَتَيْنِ : نَارُ العَرْفَجِ ، وذلك أَنَّها سَرِيعَةُ الْأَخْذِ فيه ، لِأَنَّه ضِرَامٌ ، فإِذا الْتَهَبَتْ زَحَفَ عنها مُصْطَلُوها أُخُراً ، ثم لا تَلْبَثُ أَنْ تَخْبُوَ ، فيَزْحَفُونَ إِليها رَاجِعِينَ ، وقال ابنُ بَرِّيّ : المعروفُ أَنَّهُ نارُ العَرْفَجِ ، ولذلك يُدْعَى أَبا سَرِيعٍ ، لِسُرْعَةِ النَّارِ فيهِ ، وتُسَمَّى نَارُهُ نَارَ الزَّحْفَتَيْنِ ، لأَنَّهُ يُسْرِعُ الالْتِهَابُ فيُزْحَفُ عنه ، ثم لا يَلْبَثُ أَنْ يَخْبُوَ فيُزْحَفَ إِليه ، وأَنْشَدَ أَبو العَمَيْثَلِ :
وَسَوْدَاءِ الْمَعَاصِمِ لم يُغَادِرْ |
|
لَهَا كَفَلاً صِلَاءُ الزَّحْفَتَيْنِ |
وَفي الصِّحاحِ : قيل لِامْرَأَةٍ مِن العَرَبِ : مَا لَنَا نَراكُنَّ رُسْحاً؟ فقالَتْ : أَرْسَحَتْنا نَارُ الزَّحْفَتَيْنِ. وفي الأَساسِ : أَرْسَحَهُنَّ (٤) نارُ الزَّحْفَتَيْنِ وهي نَارُ العَرْفَجِ ، لأَنَّهَا سَريعةُ الوَقْدَةِ والخَمْدَةِ ، فلا يَبْرَحْنَ يَتَقَدَّمْنَ ويتَأَخَّرْنَ ، زَحْفاً إِليْها وَعنْهَا.
والزَّحَنْفَفَةُ مِن الرِّجَالِ : الذي يَكَادُ عُرْقُوبَاهُ يَصْطَكَّانِ ، قالَهُ ابنُ عَبَّادٍ ، قال : وهو أَيضا مَنْ يَزْحَفُ علَى الْأَرْضِ ، قلتُ : إِمَّا إِعْيَاءً أو كِبَرًا.
ورَجُلٌ زُحَفَةٌ زُحَلَةٌ ، كَتُؤَدَةٍ (٥) فيهما : هو مَن لا يَسِيحُ في الْبِلَادِ ، كما في المُحِيطِ ، وفي الأَسَاسِ : رَحَّالُ إلى قُرْبٍ ، وَليس بسَيَّاحٍ ولا طَيَّاحٍ في البلادِ.
وقد سَمَّوْا زَاحِفاً ، وزَحَّافاً ، كَشَدَّادٍ ، كذا في الجَمْهَرَةِ.
ويُقَال : أَزْحَفَ لنا بَنُو فُلَانٍ ، إِزْحَافاً : إذا صَارُوا يَزْحَفُونَ إِلينا زَحْفاً ، لِيُقَاتِلُونا.
وقال أَبو الصَّقْرِ : أَزْحَفَ فُلانٌ إِزْحَافاً : إذا بَلَغَ ، وانْتَهى إلى غَايَةِ مَا طَلَبَ وأَرادَ.
وأَزْحَفَ الْبَعِيرُ : أَعْيَا ، فقَامَ علَى صَاحِبِه ، فَهُوَ مُزْحِفٌ ، قال ابنُ بَرِّيّ : شَاهِدُه قَوْلُ بِشْرِ بنِ أبي خَازِمٍ :
فَإِلَى ابنِ أُمِّ إِيَاسَ : أُرْحِلُ نَاقَتِي |
|
عَمْرٍو فَتَبْلُغُ حَاجَتِي أَوْ تُزْحِفُ(٦) |
قلتُ : وكذا قَوْلُ العَجَّاجِ ، يَصِفُ الثَّوْرَ والكِلابَ :
وأَوْغَفَتْ شَوَارِعاً وأَوْغَفَا (٧)
__________________
(١) ديوانه ١ / ٢١٣ والحاصب : الريح الشديدة تحمل الحصباء.
(٢) ديوان الهذليين ٢ / ٢٥.
(٣) كذا بالأصل تبعاً للسان ، والبيت في شعره بعده لا قبله وتمامه في الديوان :
شربت بجمّه وصدرت عنه |
|
وَأبيضَ صارمٍ ذكرٍ إباطي |
(٤) في الأساس : أرسحتهنّ.
(٥) في القاموس : كهُمَزَةٍ.
(٦) بالأصل «قال» والمثبت «إلى» عن الديوان. وقوله ابن ام إياس صوابه «أم أناس» وهي أم أناس بنت ذهل بن شيبان.
(٧) بالأصل :
وَأدْغفت شوارعا وأدغفا
وَالمثبت عن الديوان ص ٨٤.