الأَنْفِ ، والتَّبَادُرُ عَلامة الحَقِيقَةِ ، فالجَوَابُ : أَنَّه في أَصْلِ اللُّغَةِ السَّبْقُ ، ثم صار حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً في رُعَافِ الأَنْفِ ، فلا إِشْكالَ.
ورَعَفَ الْفَرَسُ الخَيْلَ ، كَمَنَعَ ، ونَصَرَ : سَبَق ، وَتَقَدَّم عليهم ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لعبِيدٍ :
يَرْعُفُ الأَلْفَ بالمُزَجَّجِ ذِي القَوَ |
|
نَسِ حتَّى يَعُودَ كَالتِّمْثَالِ (١) |
وَأَنْشَدَ الصاغَانِيُّ للأَعْشَى :
به يَرْعُفُ الأَلْفَ إِذْ أُرْسِلَتْ |
|
غَدَاةَ الصَّبَاحِ إذا النَّقْعُ ثَارَا |
وَيقال : رَعَفَ به صَاحِبُه ، أي قَدَّمَهُ ، ومن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ : «مَن عَرَفَ القُرْآنَ ، رَعَفَ الأَقْرَانَ» يُقَال : رَعَفَ فُلانٌ القَوْمَ ، وكذا بَيْنَ يَدَي القَوْمِ : إذا تَقَدَّم ، كَاسْتَرْعَفَ ، أَنْشَدَ أَبو عَمرٍو لأَبي نُخَيْلَةَ السَّعْدِيِّ :
وهُنَّ بَعْدَ الْقَرَبِ الْقَسِيِّ |
|
مُسْتَرْعِفَاتٌ بِشَمَرْذَلِيِّ |
القَسِيُّ : الشَّدِيدُ ، والشَّمَرْذَلِيُّ : الخَادِي.
وارْتَعَفَ ، وَمنه حديثُ جابِرٍ رضياللهعنه : «يَأْكُلُونَ مِن تِلْكَ الدَّابَّةِ مَا شَاءُوا ، حتى ارْتَعَفُوا» أي سَبَقُوا ، وتَقَدَّمُوا ، يقول : قَوِيَتْ أَقْدَامُهم ، فرَكِبُوها.
وقال أَبو عُبَيْدَةَ : بَيْنَا نَذكُر فُلانًا رَعَفَ به الْبَابُ : أي دَخَلَ علينا مِن البابِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ ، وهو مَجَازٌ.
ورَعِفَ الدَّمُ ، كسَمِعَ : سَالَ فسَبَقَ ، وهو مَجَازٌ.
ومِنَ المَجازِ : المَراعِفُ : الأَنْفُ وحَوالَيْهِ ، يُقالُ : لاثُوا علَى مَراعِفِهم.
وَيُقَال للمَرْأَةِ : لُوثِي علَى مَرَاعِفِكِ ، أي : تَلَثَّمِي.
وَفي الصِّحاحِ : يُقَال : فَعَلْتُ ذاك علَى الرَّغْمِ مِن مَرَاعِفِهِ ، مِثْلُ مَرَاغِمِهِ.
والرَّاعِفُ : طَرَفُ الأَرْنَبَةِ ، كما في الصِّحاحِ ، لِتَقَدُّمِه ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ ، وقيل : هو عَامَّةُ الأَنْفِ ، والجَمْعُ : رَواعِفُ ، يُقَال : ما أَمْلَحَ رَاعِفَ أَنْفِهَا ، وهو مَجَازٌ. ومِن المَجَازِ : ظَهَرَ الرَّاعِفُ ، وهو : أَنْفُ الْجَبَلِ ، على التَّشْبِيه ، وهو من ذلك ، لأَنَّهُ يَسْبِقُ ، أي يتَقَدَّم ، وجَمْعُهُ : الرَّوَاعِفُ.
والرَّاعِفُ : الفَرَسُ يَتَقَدَّمُ الخَيْلَ ، كَالْمُسْتَرْعِفِ ، وقد تقدَّم شاهِدُه قريباً.
والرَّعِيفُ ، كَأَمِيرٍ : السَّحَابُ يَكُونُ في مُقَدَّمِ السَّحَابَةِ ، قَالَهُ أَبو عَمرٍو.
والرُّعَافيُّ ، كَغُرَابِيٍّ : الْمِعْطَاءُ ، أي : الرَّجُلُ الكَثِيرُ العَطَاءِ ، مَأْخُوذٌ مِن الرُّعافِ ، وهو المَطَرُ الكثيرُ.
والرُّعُوفُ ، بالضَّمِّ : الأَمْطَارُ الخِفَافُ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَراعُوفَةُ الْبِئْرِ ، وأُرْعُوفَتُهَا ، اللُّغَتَانِ حَكاهُمَا الجَوْهَرِيُّ ، عن أَبي عُبَيْدٍ : صَخْرَةٌ تُتْرَكُ في أَسْفَلِ الْبِئرِ إذا احْتُفِرَتْ ، تَكُونُ هُناكَ ليَجْلِسَ الْمُسْتَقِي (٢) عَلَيْهَا حِينَ التَّنْقِيَةِ ، أَو صَخْرَةٌ : تَكُونُ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ ، يَقُومُ علَيْهَا المُسْتَقِي ، وَالوَجْهَانِ ذكَرهما الجَوْهَرِيُّ ، وقيل : هو حَجَرٌ نَاتِىءٌ في بَعْضِ البِئْرِ ، يكونُ صُلْباً ، لا يُمْكِنُهُم حَفْرُه ، فيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ ، وقال خالدُ بنُ جَنْبَةَ : رَاعُوفَةُ البِئْرِ : النَّطَّافَةُ ، قال : وَهي مِثْلُ عَيْنٍ علَى قَدْرِ جُحْرِ العَقْرَبِ ، نِيطَ (٣) في أَعْلَى الرَّكِيَّةِ ، فيُجَاوِزُونَهَا في الحَفْرِ خَمْسَ قِيَمٍ وأَكْثَرَ ، ورُبَّمَا وَجَدُوا ماءً كثيرًا تَبَجُّسُهُ ، وقال شَمِرٌ : مَن ذَهَبَ بالرَّاعُوفَةِ إِلَى النَّطّافَةِ فكأَنَّه أَخَذَهُ مِن رُعَافِ الأَنْفِ ، وهو سَيَلانُ دَمِهِ وَقَطَرَانُهُ ، ومَن ذَهَبَ بها إلى الحَجَرِ الذي يتقدَّمُ طَيَّ البِئْرِ ـ علَى ما ذُكِرَ ـ فهو مِن رَعَفَ الرَّجُلُ ، أو الفَرَسُ : إذا تقدَّمِ ، وسَبَقَ ، ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ الحَدِيثَ : «أَنَّهُ صلىاللهعليهوسلم سُحِرَ وَجُعِلَ سِحْرُهُ في جُفِّ طَلْعَةٍ ، ودُفِنَ تَحْتَ رَاعُوفَةِ البِئْرِ».
قلتُ : ويُرْوَى «رَاعُوثَةِ» ، بالثَّاءِ المُثَلَّثَةِ ، وقد ذُكِرَ في مَحَلَّهِ.
وأَرْعَفَهُ : أَعْجَلَهُ ، كما في الصِّحّاحِ ، قال ابنُ دُرَيْدٍ : زَعَمُوا وليس بثَبْتٍ.
وأَرْعَفَ الْقِرْبَةَ : مَلأَهَا حتى تَرْعُفَ ، كما في الصِّحاحِ ،
__________________
(١) اللسان برواية بالمدجج.
(٢) الصحاح واللسان : المنقّي.
(٣) كذا بالأصل واللسان ، ولعلها نبط بالباء الموحدة ، أي ماء العين ونبع.